ج ٤، ص : ٩٢
الزهري ان عمر بن الخطاب استشار الناس في السواد حين افتتح فراى عامتهم ان يقسم وكان بلال بن رباح من أشدهم في ذلك وكان راى عمران يتركه ولا يقسمه قال اللّهم اكفنى بلا لا ومكثوا في ذلك يومين أو ثلثا أو دون ذلك ثم قال عمر اني قد وجدت حجة قال اللّه عز وجل في كتابه ما أفاء اللّه على رسوله منهم إلى قوله والذين جاؤا من بعدهم الآيات من سورة الحشر قال فكانت هذه عامة لمن جاء بعدهم فقد صار هذا الفيء على هؤلاء جميعا فكيف تقسم هؤلاء وتدع من يخلف بغير قسم فاجمع على تركه وجمع خراجه قال أبو يوسف وحدثنى الليث بن الليث بن سعد عن حبيب بن أبى ثابت ان اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وجماعة المسلمين أرادوا عمر بن الخطاب ان يقسم الشام كما قسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم خيبر وانه كان أشد الناس في ذلك الزبير بن العوام وبلال بن رباح فقال عمر اذن اترك من بعدكم من المسلمين لهم ثم قال اللّهم اكفنى بلالا وأصحابه قال ورأى المسلمون ان الطاعون الذي أصابهم لعمواس كان من دعوة عمر قال وتركهم عمر ذمة يؤدون الخراج إلى المسلمين قلت فثبت انعقاد الإجماع على جواز ترك الأرض في أيدي أهلها يؤدون الخراج فان قيل كيف يجوز نسخ الآية بالإجماع والإجماع لا يكون ناسخا ولا منسوخا وما استدل به عمر من قوله تعالى ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى ليس بحجة لأنه فيما قال اللّه تعالى ما أو جفتم عليه من خيل ولا ركاب وكلا منا فيما اوجف عليه المسلمون خيلا وركابا قلنا أمة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يجتمع على الضلالة فاجماعهم على هذا يدل على ان قوله تعالى ما غنمتم من شيء ليس على عمومه كيف وقد كان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم الصفي وجعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم السلب للقاتل ولم يخمس السلب وجاز ان يعلف العسكر في دار الحرب ويأكلوا ما وجدوه من الطعام عن محمد
ابن أبى المجالد عن عبد اللّه بن أبى اوفى قال قلت هل كنتم تخمسون الطعام في عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أصبنا طعاما يوم خيبر فكان الرجل يجيئ فياخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف وعن ابن عمران جيشا غنموا في زمن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم طعاما وعسلا فلم يوخذ منهم الخمس وعن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض اصحاب النبي
التفسير المظهري، ج ٤، ص : ٩٣
صلى اللّه عليه وآله وسلم قال كنا ناكل الجزور في الغزو ولا نقسمه حتى كنا لنرجع إلى رجالنا وأخرجتنا منه مملوة روى الأحاديث الثلاثة أبو داود.
(فائدة) حمل اصحاب الشافعي ما فعل عمر في سواد العراق والشام على انه وقف الأرض برضاء الغانمين وإسقاطهم حقوق أنفسهم قلنا لو كان كذلك لاخرج منها اولا خمس اللّه تعالى إذ ليس الخمس للامام ولا للغانمين ولا يسقط باسقاطهم وأيضا وضع عمر على جريب الكرم شيئا معلوما وعلى جريب الحنطة شيئا معلوما فلا يجوز ان يكون الأرض مملوكة للمسلمين موقوفة والا يلزم بيع المعدوم وبيع ما ليس عندك بل يظهر بهذا ان الأرض مملوكة للكافرين وضع عليهم خراج الأرض كما وضع عليهم الجزية وهم أحرار ولا يجوز ان يكونوا عبيدا للمسلمين ويكون الجزية ضريبة للمسلمين عليهم بعلة الملك لأنه أهل نسائهم ومشايخهم وصبيانهم وان كانوا قادرين على الاكتساب اكثر مما يقدر عليه بعض الرجال البالغين فظهر انه ليس بعلة الملك على وجه الضريبة واللّه اعلم إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وما عطف على باللّه أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم من الملئكة والنصر والآيات المعجزة منها ان اللّه تعالى تحقق ما وعدهم احدى الطائفتين وانه أخبرهم بميلهم إلى العير دون الجيش وانه جاء المطر بحيث كان للمسلمين نعمة وعلى الكافرين نقمة وان امر اللّه تعالى بالملائكة حتى سمعوا أصواتهم حين قالوا اقدم حيزوم ورأوا الرؤوس تتساقط من الكواهل من غير قطع واثر سياط في أبى جهل وانه رمى النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم المشركين بالحصباء حتى عميت أبصار الكفار أجمعين وانه قلل المشركين في أعين المسلمين لتشجيعهم وانه أشار النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى مصارع المشركين هذا مصرع فلان هذا مصرع فلان فرأى المسلمين ذلك على ما أشار وانه تعالى حقق قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم بعقبة بن أبى معيط ان وجدتك خارج جبال مكة قتلتك صبرا وأنه صلى اللّه عليه وآله وسلم أخبر عمه العباس بما استودع أم الفضل فزالت شبهة العباس في نبوته وان اللّه
تعالى تحقق وعده للمؤمنين بقوله ان يعلم في قلوبكم خيرا يوتكم خيرا مما أخذ منكم فاعطى العباس بدل عشرين اوقية عشرين غلاما