ج ٤، ص : ١١٠
فان القلوب كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء إِنَّهُ عَزِيزٌ تام القدرة والغلبة لا يمكن تخلف مراده حَكِيمٌ (٦٣) يعلم انه كيف ينبغى ان يفعل ما يريده.
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ كافيك وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٦٣) قال اكثر المفسرين محله الجر عطف على الكاف على مذهب الكوفيين أو النصب على انه المفعول معه كقول الشاعر حسبك والضحاك سيف مهند والمعنى حسبك وحسب من اتبعك اللّه وهذا بعيد لفظا قريب معنى وقال بعض المفسرين محله الرفع عطفا على اسم اللّه تعالى يعنى حسبك اللّه ومتبعوك من المؤمنين وهذا قريب لفظا بعيد معنى لكن يؤيده ما رواه ابن أبى حاتم بسند صحيح عن سعيد قال لما اسلم مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ثلث وثلثون رجلا وست نسوة ثم اسلم عمر نزلت هذه الآية وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب قال لما اسلم عمر انزل اللّه في إسلامه حسبك اللّه الآية وأخرج الطبراني وغيره من طريق سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال اسلم مع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم تسع وثلثون رجلا وامرأة ثم ان عمر اسلم فصاروا أربعين فنزل يايها النبي حسبك اللّه الآية وروى البزار بسند ضعيف من طريق عكرمة عن ابن عباس قال لما اسلم عمر قال المشركون قد انتصف القوم منا اليوم وانزل اللّه هذه الآية هذه الأحاديث تدل على ان الآية مكية وسياق الكلام يقتضى كونها مدنية فان السورة نزلت بعد غزوة بدر.
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ أى بالغ في حثهم عليه واصل الحرض ان ينهكه المرض حتى يشرفه على الهلاك كان المبالغ في الحث على الأمر يجعل المأمور عاجزا مضطرا إلى فعله كما يجعل المرض عاجزا مضطرا إلى الهلاك إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ رجلا صابِرُونَ على القتال محتسبون يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ من عدوهم ويقهروهم وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ قرأ أبو عمرو والكوفيون بالياء التحتانية والباقون بالتاء الفوقانية مِائَةٌ صابرة محتسبة يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (٦٥) يعنى ان المشركين يقاتلون على غير احتساب وطلب ثواب جاهلين باللّه واليوم الاخر فلا يثبتون


الصفحة التالية
Icon