ج ٤، ص : ١٤٦
عطف على جاهدوا يعنى ولما يعلم اللّه الذين لم يتخذوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً بطانة يوالونهم ويفشون إليهم أسرارهم وفي لما اشارة إلى توقع وجود المجاهدين المخلصين في أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يزال من أمتي أمة قائمة بامر اللّه لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي امر اللّه وهم على ذلك متفق عليه من حديث معاوية وروى ابن ماجة بسند صحيح عن أبى هريرة نحوها والحاكم وصححه عن عمر بلفظ لا يزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يقوم الساعة وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦) فيه دفع لما يتوهم من ظاهر قوله تعالى ولما يعلم اللّه قال البغوي قال ابن عباس لما اسر العباس يوم بدر غيره المسلمون بالكفر وقطيعة الرحم واغلظ علىّ القول فقال العباس ما لكم تذكرون مساوينا ولا تذكرون محاسننا فقال... على الكم محاسن قال نعم انا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقى الحاج فانزل اللّه تعالى ردا على العباس.
ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ الآية أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم من طريق على بن أبى طلحة عنه بلفظ قال العباس ان كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ولقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقى الحاج ونفك العاني فانزل اللّه تعالى هذه الآية يعنى ما صح للمشركين وما ينبغى لهم أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ « ١ » يعنى شيئا من المساجد فضلا عن المسجد الحرام فانه يجب على المسلمين منهم من ذلك لأن مساجد اللّه انما يعمر لعبادة اللّه وحده فمن كان كافرا باللّه فليس من شانه ان يعمرها فذهب جماعة إلى ان المراد منه العمارة المعروفة من بناء المسجد ومرمته عند الخراب فيمنع منه الكافر حتى لو اوصى به لا ينفذ وحمل بعضهم العمارة هاهنا على دخول المسجد والقعود فيه أخرج أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبى سعيد قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا رايتم الرجل بعامر المسجد فاشهدوا له بالايمان قال اللّه تعالى انما يعمر مساجد اللّه من أمن باللّه وقال الحسن ما كان للمشركين ان يتركوا فيكونوا أهل المسجد الحرام قرأ ابن كثير وأبو عمر ويعقوب مسجد اللّه على التوحيد
_________
(١) عن عمر بن الخطاب سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من بنى مسجدا يذكر فيه اسم اللّه بنى اللّه له بيتا في الجنسة ١٢.