ج ٤، ص : ٢١٠
فبعثه ابنه عبد اللّه فحملها إلى الغار قالت فدخل علينا جدى أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال واللّه انى لاراه قد ذهب بماله مع نفسه قالت قلت كلا يا أبت انه ترك لنا خيرا كثيرا قالت فاخذت احجارا فوضعتها في كوة البيت كان أبى يضع ماله فيها ثم وضعت عليها ثوبا ثم أخذت بيده فقلت ضع يا أبت يدك على هذا المال قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس ان كان ترك لكم هذا فقد احسن وفي هذا بلاغ لكم ولا واللّه ما ترك لنا شيئا ولكن أردت ان اسكن الشيخ روى البيهقي ان أبا بكر لما خرج هو ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الغار جعل يمشى مرة امام النبي صلى اللّه عليه وسلم ومرة خلقه ومرة عن يمينه ومرة عن شماله فسأله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك فقال يا رسول اللّه اذكر الرصد فاكون امامك واذكر الطلب فاكون خلفك ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك لا أمن عليك فلما انتهيا إلى فم الغار قال أبو بكر والذي بعثك بالحق نبيا لا تدخله حتى ادخله قبلك ما كان فيه شيء نزل بي قبلك فدخله فجعل يلتمس بيده فكلما رأى حجرا قال بثوبه فشقه ثم ألقمه الحجر حتى فعل ذلك بثوبه اجمع فبقى حجر فوضع عقبه عليه ثم دخل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجعلت الحيات يلسعن أبا بكر وجعلت دموعه يتحدر وروى ابن أبى شيبة وابن المنذر عن أبى بكر رضى اللّه عنه انهما لما انتهيا إلى الغار إذا جحر فالقمه أبو بكر رجليه فقال يا رسول اللّه إن كان لدغة أو لسعة كان بي وروى ابن مردوية عن جندب بن سفيان قال لما انطلق أبو بكر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى الغار قال أبو بكر يا رسول اللّه لا تدخل الغار حتى استبرئه « ١ » فدخل أبو بكر الغار فاصاب يده شيء فجعل يمسح الدم عن يده ويقول هل أنت الا إصبع دميت وفي سبيل اللّه ما لقيت وفي حديث أنس عند أبى نعيم ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما أصبح قال لابى بكر اين ثوبك فاخبر بالذي صنع فرفع رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم يديه وقال اللهم اجعل أبا بكر معى في درجتى في الجنة فاوحى اللّه إليه قد استجاب اللّه لك وروى زرين عن عمر انه ذكر عنده أبو بكر فبكى وقال وددت ان عملى كله مثل عمله يوما واحدا من أيامه وليلة واحدة من لياليه
_________
(١) استبرأت الشيء طلبت آخره لقطع الشبهة عليه عنى ١٢.


الصفحة التالية
Icon