ج ٤، ص : ٢١٣
قال اللّه تعالى فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ أى على النبي صلى اللّه عليه وسلم حيث قال لا تحزن ان اللّه معنا كذا ذكر البلاذري وروى ابن أبى حاتم وأبو الشيخ وابن مردوية والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس قال فانزل اللّه سكينته على أبى بكر يعنى بقوله صلى اللّه عليه وسلم لا تحزن فان النبي صلى اللّه عليه وسلم تنزل عليه السكينة من قبل وهذا اولى لأن فاء فانزل يدل عليه وأيضا إرجاع الضمير إلى الأقرب اولى وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وهم الملئكة يضربون وجوه الكفار وأبصارهم عن رئية روى أبو نعيم عن اسماء بنت أبى بكر ان أبا بكر رأى رجلا مواجه الغار فقال يا رسول اللّه انه يرانا قال كلا ان الملئكة يستره الآن بأجنحتها فلم ينشب ان قعد يبول مستقبلهما فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا أبا بكر لو كان يراك ما فعل هذا وقيل القوا الرعب في قلوب الكفار حتى رجعوا وقال مجاهد والكلبي أعانه الملئكة يوم بدر أخبر انه صرف عنه كيد الأعداء في الغار ثم اظهر نصره بالملائكة يوم بدر روى ابن عدى وابن عساكر عن أنس ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال لحسان هل قلت في أبى بكر شيئا قال نعم فقال قل وانا اسمع فقال وثانى اثنين في الغار المنيف وقد طاف العدو إذ صاعدوا الجبلا وكان حب رسول اللّه قد علموا من البرية لم يعدل به رجلا فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال يا حسان هو كما قلت قالت عايشة فكمنا « ١ » في الغار ثلث ليال وكان عبد اللّه بن أبى بكر يبيت عندهما وهو غلام شاب « ٢ » ثقف لقف فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش كبائت لا يسمع امرا يكاد ان
به الا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك اليوم حين يختلط الظلام وعند أبى استحق ان اسماء بنت أبى بكر كانت تأتيهما من الطعام إذا امست بما يصلحهما وكان عامر بن فهيرة يرعى غنما لابى بكر في رعيان أهل مكة فإذا امسى راح عليهما حين يذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل « ٣ » ورضيفهما يفعل ذلك كل ليلة من الليالى فلما مضت الثلث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استاجرا ببعيرهما فركبا وانطلق معهما عامر بن فهيرة غلاما لعبد اللّه ابن الطفيل
_________
(١) أى يطلب لهما من مكروه من الكيد ١٢.
(٢) أى يخرج من السحر ١٢.
(٣) رسل شير تازه رضيف شير گرم ١٢.