ج ٤، ص : ٢٢٢
ومعنى الاستطاعة استطاعة العدة أو استطاعة الأبدان كانهم تمارضوا وهذه معجزة لكونه اخبارا عما وقع قبل وقوعه يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ بدل من سيحلفون يعنى انهم يهلكونها بايقاعها في العذاب بترك امتثال امر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والكذب واليمين الفاجرة وجاز ان يكون حالا من فاعل خرجنا يعنى لخرجنا معكم وان أهلكنا أنفسنا بالمسير في الحر والقياها في التهلكة وجاء به على لفظ الغائب لأنه مخبر عنهم الا ترى انه لو قال سيحلفون باللّه لو استطاعوا لخرجوا لكان أيضا سديدا يقال حلف باللّه ليفعلن ولا فعلن فالغيبة على حكم الاخبار والتكلم على الحكاية وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٦) في ذلك لانهم كانوا مستطيعين للخروج.
عَفَا اللَّهُ عَنْكَ « ١ » قال سفيان بن عيينه بدأ بالعفو قبل ان يعيره بالذنب لطفا به وإكراما له قلت أو لأنه تعالى ذكر العفو قبل المعاتبة تحرزا من ان يهلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لكمال خوفه وخشيته من اللّه تعالى وقيل افتتح الكلام بالدعاء كما يقول الرجل لمن خاطبه إذا كان كريما عنده عفا اللّه عنك ما صنعت في حاجتى ورضى اللّه عنك الا زرتنى وقيل معناه ادام اللّه لك العفو لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ فى القعود حين استأذنوك وهلا توقفت حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا فى الاعتذار وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (٤٣) فيها يعنى من لا عذر له قال ابن عباس لم يكن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعرف المنافقين يومئذ أخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون قال اثنان فعلهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يومر بهما اذنه المنافقين في القعود واخذه الفدية من أسارى يدر فعاتبه اللّه كما تسمعون.
لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فى التخلف كراهة أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ والمعنى لا يستاذنونك في ان يجاهدوا بل يبادرون إليه ولا ينتظرون الاذن فضلا ان يستاذنوا في التخلف
_________
(١) قال القاضي عياض في الشفاء ليس عفا هاهنا بمعنى غفر بل كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم عفا الله لكم عن صدقة الخيل والرقيق ولم تجب عليهم قطاى لم يلزمكم ذلك ونحو للقشيرى وقال انما يقول العفو لا يكون الا عن ذنب من لم يعرف كلام العرب وقال معنى عفا اللّه عنك لم يلزمك ذنبا قال القاضي لم يتقدم للنبى صلى اللّه عليه وسلم فيه من الله نهى فيعد معصية ولاعد اللّه عليه معصية بل لم يعده أهل العلم معاتبه وغلطوا من ذهب إلى ذلك قال نفطويه وقد حاشا الله من ذلك بل كان مخيرا بين أمرين ١٢.


الصفحة التالية
Icon