ج ٤، ص : ٢٦٣
نعلتم أيها المنافقون فعلا مثل فعل الذين كانوا من قبلكم من العدول عن امر اللّه فلعنتم كما لعنوا كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً بطشا ومنعة وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً بيان لتشبههم بهم وتمثيل حالهم بحالهم فَاسْتَمْتَعُوا يعنى فتمتعوا وانتفعوا بِخَلاقِهِمْ أى بنصيبهم من الدنيا ولذاتها واشتقاقه من الخلق بمعنى التقدير فان الخلاق ما قدر لصاحبه فَاسْتَمْتَعْتُمْ أيها المنافقون بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ ذم الأولين باستمتاعهم بالحظوظ الدنية الفانية الغير المرضية للّه تعالى معرضين عن تحصيل لذائر الباقية القوية المرضية تمهيدا الذم المخاطبين بمشابهتهم واقتفاء آثارهم وَخُضْتُمْ أى دخلتم فى الباطل واللهو كَالَّذِي خاضُوا يعنى كالخوض الذي خاضوا أو كالفوج الذي خاضوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لم يستحقوا عليها ثوابا فى الدارين وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٩) الذين خسروا الدنيا والآخرة يعنى كما حبطت أعمالهم وخسروا كذلك حبطت أعمالكم وخسرتم عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا شبرا وذراعا ذراعا حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم قلنا يا رسول اللّه اليهود والنصارى قال فمن وفى رواية أبى هريرة فهل الناس الا هم رواه البخاري وروى الحاكم عن ابن عباس عنه صلى اللّه عليه وسلم لتركبن سنن من قبلكم شبرا بشبر ذراعا بذراع حتى لو ان أحدهم دخل حجر ضب لدخلتم ولو ان أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه قال البغوي قال ابن مسعود أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتا وهديا تتبعون عملهم حذو القدة بالقدة غير انى لا أدرى أتعبدون العجل أم لا قوله تعالى.
أَلَمْ يَأْتِهِمْ يعنى المنافقين التفات من الخطاب إلى الغيبة نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ انهم عصوا رسلنا وخالفوا أمرنا فعذبناهم وأهلكناهم ثم ذكرهم فقال قَوْمِ نُوحٍ مع ما عطف عليه بدل من الموصول يعنى اهلكوا بالطوفان لكفرهم وَعادٍ اهلكوا بالريح وَثَمُودَ اهلكوا بالرجفة وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ بسلب النعمة وإهلاك نمرود بنملة وإهلاك أصحابه وَأَصْحابِ مَدْيَنَ


الصفحة التالية
Icon