ج ٤، ص : ٣١٠
تعالى.
وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً أى يحكم عليهم بالضلال ويسميهم الضالة ويواخذهم على فعل بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ للاسلام حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ أى ما يجب اتقائه من الأعمال فلم يتقوه ويستحقون الإضلال وقيل فيه بيان عذر لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى قوله لعمه لاستغفرن لك ما لم انه عنه أو لمن استغفر لاسلافه المشركين قبل النهى قال مجاهد بيان اللّه للمؤمنين فى الاستغفار للمشركين خاصة وبيان لهم فى مغصية وطاعة عامة يعنى ان الآية نزلت فى الاستغفار للمشركين لكن حكمها عام لعموم الصيغة إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (١١٤) يعنى يعلم حال من فعل جهلا ومن فعل تمرد أو من يستحق الإضلال ومن لا يستحقه.
إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَما لَكُمْ أيها الناس مِنْ دُونِ اللَّهِ من غيره مِنْ وَلِيٍّ يحفظكم منه وَلا نَصِيرٍ (١١٥) يمنع عنكم ضررا يريد بكم فلا ينبغى لكم ان توالوا بالمشركين وتستغفروا لهم وإن كانوا اولى قربى حسبكم ولاية اللّه ونصرته.
لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ من اذن المنافقين فى التخلف أو المعنى برأهم عن تعلق الذنوب لقوله تعالى ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر وقيل المراد بعث على التوبة والمعنى ما من أحد الا وهو محتاج إلى التوبة حتى النبي صلى اللّه عليه وسلم وخاصة أصحابه لقوله تعالى توبوا إلى اللّه جميعا إذ ما من أحد الا له مقام يستنقص دونه ما هو فيه والترقي إليه توبة من تلك النقيصة وفيه اظهار تفضل التوبة بانها مقام الأنبياء والصالحين من عباده وقيل افتتح الكلام بالنبي لأنه كان سبب توبتهم فذكره معهم كما ذكر كلمة لله فى قوله تعالى للّه خمسه وللرسول ولذى القربى الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ حين استغفرهم لغزوة تبوك فِي ساعَةِ أى وقت الْعُسْرَةِ قال البغوي كانت غزوة تبوك تسمى غزوة العسرة والجيش جيش العسرة أى الشدة لما كانت عليهم عسرة من الظهر والزاد والماء قال الحسن كان العشرة منهم يخرجون على بعير واحد منهم يعنقبونه يركب الرجل ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك وكان زادهم التمر المسوس والشعير المتغير وكان النفر منهم يخرجون ما معهم الا التمرات بينهم فإذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمرة فلاكها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها ثم يشرب


الصفحة التالية
Icon