ج ٥، ص : ١٥
قيد التبديل فى الجواب بقوله مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي وسماه عصيانا حيث قال إِنِّي قرأ الحرميان وأبو محمد وأبو جعفر أبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي بالتبديل عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) أى يوم القيامة وفيه ايماء بانهم استوجبوا العذاب بهذا الاقتراح -.
قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ غير ذلك أو عدم تلاوتى عليكم لم ينزل القرآن علىّ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ أى لا أعلمكم اللّه على لسانى بِهِ قرأ البزي عن ابن كثير لادريكم بالقصر على الإيجاب ولام التأكيد يعنى لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ ولعلمكم به من غير قراءتى على لسان غيرى وفيه اشارة إلى انه الحق الذي لا محيص عليه لو لم أرسل به لارسل به غيرى فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً أى زمانا وهو أربعون سنة مِنْ قَبْلِهِ أى قبل نزول القرآن ولم اتكم بشيء ما لم يوح الىّ وفيه اشارة إلى كون القرآن معجزا خارقا للعادة فان من عاش بين أظهرهم أربعين سنة لم يمارس فيها علما ولم يشاهد عالما ولم ينشأ شعرا ولا خطبة ثم قرأ عليهم كتابا بدت فصاحته فصاحة كل منطيق وعلا كل منظوم ومنثور واحتوى على قواعد الأصول والفروع واغرب عن قصص الأولين وأحاديث الآخرين على ما هى عليه علم انه معلم به من اللّه تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٦) أى أفلا تستعملون عقولكم بالتدبر والتفكر فيه لتعلموا انه ليس من قبل نفسى بل من عند اللّه - (فائدة) لبث النبي صلى اللّه عليه وسلم فيهم قبل الوحى أربعين سنة ثم اوحى إليه فاقام بمكة بعد الوحى ثلاث عشرة سنة ثم هاجر فاقام بالمدينة عشر سنين وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة كذا روى مسلم عن ابن عباس قال محمد بن يوسف الصالحي اتفق العلماء على انه صلى اللّه عليه وسلم اقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين وبمكة قبل النبوة أربعين سنة وانما الخلاف فى قدر إقامته بمكة بعد النبوة قبل الهجرة والصحيح انه ثلاث عشرة سنة وذكر البغوي برواية أنس انه صلى اللّه عليه وسلم اقام بمكة بعد الوحى عشر سنين وتوفى وهو ابن ستين سنة وكذا روى ابن اسعد وعمرو بن شيبة والحاكم فى الإكليل عن ابن عباس قال البغوي والاول أشهر واظهر وقد روى مسلم عن أنس انه قبض رسول اللّه صلى اللّه
عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة وكذا أبو بكر وعمر وروى أبو داؤد الطيالسي ومسلم عن معاوية بن أبى سفيان