ج ٥، ص : ٣٠
على اسماع الصم المسلوب عنه العقل لا تقدر على استماع من سلب عن قلبه صلاحبة سماع التفكر والتدبر.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ بأبصارهم ويعائنون ادلة الصدق واعلام النبوة لكنهم لا يصدقون لعدم بصيرة فى قلوبهم أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ (٤٣) أى ولو انضم إلى عدم البصر عدم البصيرة فانه لا يهتدى بالطريق الاولى - فيه تسلّية من اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم يقول انك لا تقدر ان تسمع من سلبت عنه السمع ولا تهدى من سلبت عنه البصر ولا ان توفق للايمان من حكمت عليه انه لا يؤمن - وتعليل للامر بالتبرّى والاعراض عنهم.
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤) فانهم لسوء استعدادهم وفساد اختيارهم لا يقبلون هداية اللّه ورسوله قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مثل ما بعثني اللّه به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكانت طائفة منها طيبة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع اللّه به الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة اخرى انما هى قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاء فذلك من فقه فى دين ونفعه ما بعثني اللّه به فعلم وعلّم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى اللّه الّذي أرسلت به متفق عليه من حديث أبى موسى وقيل معناه انّ اللّه لا يظلم النّاس شيئا بسلب آلات الاستدلال من العقول والحواس ولكنّ النّاس أنفسهم يظلمون بافسادها وتفويت منافعها وترك الاستدلال فالاية دليل على ان العبد له كسب وانه ليس مسلوب الاختيار بالكلية كما زعمت الجبرية ويجوز ان يكون وعيدا لهم بمعنى ان ما يحيق بهم يوم القيامة من العذاب عدل من اللّه تعالى لا يظلمهم اللّه به ولكنهم ظلموا أنفسهم باقتراف أسبابها قرأ حمزة والكسائي بتخفيف لكن ورفع الناس والباقون بتشديدها والنصب -.
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ قرأ حفص باليا على الغيبة والضمير عائد إلى اللّه


الصفحة التالية
Icon