ج ٥، ص : ٤٩
ما جئتم به سحر إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ أى سيمحقه أو سيظهر بطلانه إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ أى لا يثبت ولا يقوى عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (٨١) فيه دليل على ان السحر إفساد وتمويه لا حقيقة.
له وَيُحِقُّ اللَّهُ أى يثبت ويقوى الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ باياته وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨٢).
فَما آمَنَ لِمُوسى أى لم يصدق موسى مع ما جاء به من الآيات وأبطل سحر السحرة إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ قيل ضمير قومه راجع إلى موسى يعنى مومنى بنى إسرائيل الذين كانوا بمصر وخرجوا معه - قال مجاهد كانوا أولاد الذين أرسل إليهم موسى من بنى إسرائيل هلك الآباء وبقي الأبناء ولذا سموا ذرية - وقيل هم قوم نجوا من قتل فرعون لمّا امر بقتل أبناء بنى إسرائيل كانت المرأة من بنى إسرائيل إذا ولدت ولدا وهبته للقبطية خوفا من القتل فنشئوا عند القبط واسلموا فى اليوم الّذي غلب موسى السحرة - وقال آخرون الضمير راجع إلى فرعون روى عطية عن ابن عباس قال هم أناس يسيرون من قوم فرعون أمنوا منهم امراة فرعون ومؤمن ال فرعون وخازن فرعون وامراة خازنه وما شطته - كذا أخرج ابن جرير عنه وعن ابن عباس رواية اخرى انهم سبعون أهل بيت من القبط من ال فرعون أمهاتهم من بنى إسرائيل فجعل الرجل يتبع امه وأخواله - قال الفراء سموا ذرية لأن آباءهم كانوا من القبط وأمهاتهم من بنى إسرائيل كما يقال لاولاد أهل الفرس الذين سقطوا إلى اليمن الأبناء لأن أمهاتهم من غير جنس ابائهم عَلى خَوْفٍ أى مع خوف مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ الضمير لفرعون وجمعه على ما هو المعتاد من ضمير العظماء - أو على ان المراد بفرعون اله كما يقال ربيعة ومضر والمعنى مع خوف من ال فرعون واشراف قومهم أو للذرية أو للقوم أَنْ يَفْتِنَهُمْ أى يعذبهم فرعون وهو بدل من فرعون أو مفعول خوف وافراده بالضمير للدلالة على ان الخوف من الملأ كان بسببه وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ غالب متكبر فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (٨٣) المجاوزين الحد حتّى ادعى الربوبية مع كونه عبدا مخلوقا محتاجا - واسترقّ أبناء الأنبياء.
وَقالَ مُوسى لما راى خوف المؤمنين من فرعون يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا أى ثقوا به واعتمدوا عليه ولا تخافوا من فرعون وملائه إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (٨٤) جزاؤه محذوف