ج ٥، ص : ٥٢
لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا... فَلا يُؤْمِنُوا منصوب على انه جواب للدعاء - أو على انه معطوف على ليضلوا وما بينهما دعاء معترض وقال الفراء مجزوم على انه دعاء بلفظ النهى كأنَّه قال اللهم فلا يؤمنوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ (٨٨) بعد الموت كذا قال السدى.
قالَ اللّه تعالى لموسى وهارون قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما نسبت الدعوة إليهما لأنه روى ان موسى كان يدعو وهارون يؤمّن والتأمين دعاء - قال البغوي وفى بعض القصص كان بين دعاء موسى والاجابة أربعين سنة فَاسْتَقِيما على الرسالة والدعوة وامضيا لامرى إلى ان يأتيهم العذاب وَلا تَتَّبِعانِّ نهى بالنون الثقيلة ومحله جزم - وقرا ابن ذكوان بالنون الخفيفة - وكسر النون لالتقاء الساكنين سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (٨٩) أى طريق الجهلة فى الاستعجال أو عدم الوثوق وعدم الاطمينان بما وعد اللّه سبحانه -.
وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ أى جوّزناهم وعبرناهم حتّى بلغوا الشطّ وفاعل هاهنا بمعنى فعل نحو عاقب امير اللص - وكان البحر قد انفلق لموسى وقومه فَأَتْبَعَهُمْ أى لحقهم وأدركهم فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ يقال اتبعه وتبعه إذا أدركه ولحقه واتّبعه بالتشديد إذا سار خلفه واقتدى به وقيل هما واحد بَغْياً وَعَدْواً أى باغين وعادين أو للبغى والعدو - وقيل بغيا فى القول وعدوا فى الفعل فلمّا وصل فرعون بجنوده إلى البحر هابوا دخوله فتقدمهم جبرئيل عليه السلام على فرس أنثى وخاض البحر فاقتحمت الخيول خلفه حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ وانطبق عليهم الماء لمّا دخل آخرهم وهمّ أولهم ان يخرج قالَ فرعون آمَنْتُ أَنَّهُ أى بانه وقرأ حمزة والكسائي بكسر الهمزة على إضمار القول أو الاستيناف بدلا وتفسيرا لآمنت لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩٠) فدسّ جبرئيل عليه السلام فى فيه من حماة البحر فمات قبل ان تقبل توبته - نكب الشقي عن الايمان أو ان القبول وبالغ فيه حين لا يقبل فقال اللّه تعالى على سبيل الإنكار.
آلْآنَ يعنى ا تؤمن الان حين أيست من الحيوة ولم يبق لك اختيار وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ذلك مدة عمرك وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (٩١) الضالين المضلين عن الايمان - قال البغوي روى عن ابن عباس ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لمّا أغرق اللّه تعالى