ج ٥، ص : ٥٩
والأرض فاخذ الملك بيد الغلام فاجلسه فى مجلسه وقال أنت أحق بهذا المكان منى فاقام لهم أمرهم ذلك أربعين سنة -.
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ يا محمّد ان يؤمن من فى الأرض كلهم لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ بحيث لا يشذ عنهم أحد جَمِيعاً مجتمعين على الايمان غير مختلفين فيه - وفيه رد لمذهب القدرية الذين قالوا ان اللّه سبحانه يشاء ايمان جميع الناس لكنهم لا يؤمنون باختيارهم - فانها تدل انه لم يشأ ايمانهم وانّ من شاء إيمانه يؤمن لا محالة لاستحالة تخلف مشية اللّه عما شاء والتقييد بمشية الإلجاء خلاف الظاهر أَفَأَنْتَ يا محمّد تُكْرِهُ النَّاسَ يعنى الكفار حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) ولم يشا اللّه ذلك منهم ترتب الإكراه على عدم المشية بالفاء وإدخال حرف الاستفهام للانكار وتقديم الضمير على الفعل للدلالة على ان ما لم يشأ اللّه مستحيل وجوده لا يمكن تحصيله بالإكراه فضلا عن الحث والتحريض عليه - وذلك انه صلى اللّه عليه وسلم كان حريصا على ان يؤمن جميع الناس فاخبره اللّه تعالى بانه لا يؤمن منهم الا من سبق علم اللّه فيه بالسعادة دون من سبق عليه بالشقاوة فلا تهتم فى ذلك فالاية تسلّية للنبى صلى اللّه عليه وسلم
وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ بالله تعالى إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ يعنى الا بإرادته وتوفيقه وَيَجْعَلُ قرأ أبو بكر بالنون على التكلم والباقون بالياء على الغيبة أى يجعل اللّه الرِّجْسَ أى العذاب أو الخذلان فانه سببه عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (١٠٠) الحق من الباطل يعنى الكفار لما على قلوبهم من الطبع ولعدم تعلق مشية اللّه تعالى بتعقّلهم
قُلِ يا محمّد انْظُرُوا أيها الناس وتفكروا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ من عجائب الممكنات كالشمس والقمر والنجوم وحركاتها المنتسقة والجبال والبحار والأنهار والأشجار والمواليد الدالات على وجود صانع قديم قادر عليم متوحد بجلال ذاته وكمال صفاته - وكلمة ماذا ان جعلت استفهامية علقت انظروا عن العمد وَما تُغْنِي ما نافية أو استفهامية للانكار فى موضع النصب يعنى لا تفيد الْآياتُ الموجبة للعلم واليقين وَالنُّذُرُ جمع نذير يعنى الرسل وغيرهم


الصفحة التالية
Icon