ج ٥، ص : ٨٢
اى تحتقره وتستصغره أعينكم يعنى الذين قلتم فيهم أراذلنا لاجل فقرهم - افتعال من زرا عليه إذا عابه - قلبت تاؤه دالّا لتجانس الراء فى الجهر - واسناده إلى العين للمبالغة والتنبيه على انهم استرذلوهم بادى الرأي من غير رؤية وبما عاينوا من رثاثة حالهم وقلة مالهم دون تأمل فى معانيهم وكمالاتهم وخصالهم لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً بل ما أعطاهم فى الدنيا من الايمان والهداية - وفى الاخرة من الجنة والدرجات خير مما اعطاكم اللّه فى الدنيا من المال اللَّهُ أَعْلَمُ منى ومنكم بِما فِي أَنْفُسِهِمْ من محبة اللّه ومحاسن الأخلاق والعقائد إِنِّي قرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها إِذاً أى إذا طردتهم وقلت فيهم لن يؤتيهم اللّه خيرا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٣١).
قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا خاصمتنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا فاطلته إذ أتيت بانواعه فَأْتِنا بِما تَعِدُنا من العذاب إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٣٢) فى دعوى النبوة والوعيد على ترك الايمان فان مناظرتك لا تؤثر فينا.
قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ ليس ذلك فى وسعى لا إتيانه ولا تعجيله إِنْ شاءَ عاجلا أو أجلا وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (٣٣) اللّه بدفع العذاب أو الهرب منه إذا جاء عذابه.
وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي قرأ نافع بفتح الياء وكذا أبو عمرو والباقون بإسكانها إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ شرط ودليل جواب والجملة دليل جواب لقوله إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ وتقدير الكلام ان كان اللّه يريد ان يغويكم فاردت ان انصح لكم لا ينفعكم نصحى فيه دليل على ان ارادة اللّه يصح تعلقها بالإغواء وان خلاف مراده تعالى محال وقيل معنى ان يغويكم ان يهلككم من غوى الفصيل إذا هلك هُوَ رَبُّكُمْ خالقكم والمتصرف فيكم وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣٤) فيجازيكم بأعمالكم.
أَمْ يَقُولُونَ يعنى بل أيقولون افْتَراهُ قال ابن عباس يعنى يقولون افترى نوح وقال مقاتل معناه تقولون افترى محمّد صلى اللّه عليه وسلم قُلْ يا نوح أو يا محمّد إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي أى وبال اجرامى والاجرام كسب الذنب وَأَنَا بَرِي ءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥) من اجرامكم فى اسناد الافتراء الىّ - قال البغوي روى الضحاك عن ابن عباس ان قوم نوح كانوا يضربون نوحا عليه السلام


الصفحة التالية
Icon