ج ٥، ص : ٩٦
ينجيهم وأطاعوا من دعاهم إلى الكفر وأتوا بما يهلكهم.
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً أى دعاء باللعنة من الناس والملائكة وَيَوْمَ الْقِيامَةِ أيضا يتبعون باللعن من اللّه تعالى أى جعلت اللعنة تابعة لهم فى الدارين واللعنة هى الابعاد والطرد عن الرحمة أَلا إِنَّ عاداً كَفَرُوا رَبَّهُمْ أى جحدوه أو كفروا نعمه فحذف الجار أَلا بُعْداً لِعادٍ قيل بعدا من رحمة اللّه وقيل هلاكا - قال البغوي للبعد معنيان أحدهما ضد القرب والاخر بمعنى الهلاك - وكذا فى القاموس والجملة دعاء عليهم باللعن والهلاك والمراد به الدلالة على انهم كانوا مستوجبين لما نزل عليهم بسبب ما حكى عنهم - وانما كرر الا وأعاد ذكرهم تفظيعا لامرهم وحثّا على الاعتبار بحالهم قَوْمِ هُودٍ (٦٠) عطف بيان وفائدته الإيماء إلى ان استحقاقهم البعد بما جرى بينهم وبين هود عليه السلام -.
وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ أى بدا خلقكم مِنَ الْأَرْضِ يعنى خلقكم من آدم وآدم من التراب وَاسْتَعْمَرَكُمْ يعنى عمّركم واستبقاكم من العمر - وقال الضحاك أطال عمركم حتّى كان الواحد منهم يعيش ثلاثمائة سنة إلى الف سنة - وكذلك قوم عاد فِيها أى فى الأرض - وقيل معناه قدركم على عمارتها وجعلكم عمّارها وسكانها وقال مجاهد استعمركم من العمرى أى جعلها لكم ما عشتم ويرثها منكم بعد انصرام اعماركم - أو جعلكم معمرين دياركم تسكنونها مدة عمركم ثم تتركونها لغيركم فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ من عباده قربا لا كيف له حتّى أفاض عليهم الوجود - أو قريب بالذات بلا كيف أو بالرحمة لاوليائه مُجِيبٌ (٦١) لدعائهم.
قالُوا يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا أى كنا نرجوا ان تكون سيدا فينا - وقيل أى كنا نرجوا ان توافقنا فى الدين وتعود إلى ديننا قَبْلَ هذا القول يعنى دعائك ايّانا إلى ترك عبادة الأوثان - فلمّا سمعنا منك هذا القول انقطع رجاءنا عنك أَتَنْهانا أَنْ نَعْبُدَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا على حكاية الحال الماضية وَإِنَّنا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ من التوحيد والتبرّى عن الأوثان مُرِيبٍ (٦٢) أى ذى ريبة على الاسناد المجازى


الصفحة التالية
Icon