ج ٥، ص : ١٠٩
مجاهد حذرهم زوال النعمة وغلاء السعر وحلول النقمة ان لم يتوبوا وَإِنِّي قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بالإسكان أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) يحيط بكم ويهلككم جميعا لا يشذ منه أحد منكم - وقيل عذاب مهلك من قوله واحيط بثمره - والمراد عذاب يوم القيامة أو عذاب الاستيصال وصف اليوم بالاحاطة وهى صفة العذاب لاشتماله عليه.
وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ صرح الأمر بالإيفاء بعد النهى عن ضده مبالغة وتنبيها على انه لا يكفيهم الكف عن تعمد التطفيف بل يلزمهم السعى بالإيفاء ولو بزيادة لا يتاتى دونها - ولذلك قال أبو حنيفة من اشترى مكيلا مكائلة أو موزونا موازنة لم يجز للمشترى منه ان يبيعه ولا ان يأكله حتّى يعيد الكيل والوزن - لما نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن بيع الطعام حتّى يجرى فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشترى رواه ابن ماجة وإسحاق بن أبى شيبة من حديث جابر - وأعل بعبد الرّحمن بن أبى ليلى - ورواه البزار من حديث أبى هريرة نحوه ومن حديث أنس وابن عباس من طريقين ضعيفين - قال ابن همام هذا الحديث حجة لكثرة تعدد طرقه وقبول الائمة إياه - فانه قد قال بقولنا هذا مالك والشافعي واحمد - وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم زن وأرجح فانا معاشر الأنبياء هكذا نزن رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه وابن حبان من حديث سويد بن قيس بِالْقِسْطِ أى بالعدل وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ تعميم بعد تخصيص - فانه أعم من ان يكون فى المقدار أو فى غيره وكذا قوله وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ فان العثو يعم تنقيص الحقوق وغيره من انواع الفساد - وقيل المراد بالبخس المكس كاخذ العشور من المعاملات ومن العثو السرقة وقطع الطريق والغارة مُفْسِدِينَ (٨٥) قيل فائدته إخراج ما يقصد به الصلاح كما فعله الخضر عليه السلام وقيل معناه لا تعثوا فى الأرض مفسدين امر دينكم ومصالح آخرتكم - والظاهر انه حال مؤكدة لمعنى عاملها لأن عثى بمعنى أفسد.
بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ قال ابن عباس يعنى ما أبقى اللّه لكم من الحلال بعد إيفاء الكيل والوزن خير مما تأخذونه بالتطفيف وقال مجاهد بقية اللّه طاعة اللّه خير لكم - نظيره قوله تعالى وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ...


الصفحة التالية
Icon