ج ٥، ص : ١١١
وجواب الشرط محذوف تقديره فهل يجوز لى ان أخون فى وحيه وأخالفه فى امره ونهيه - وهو اعتذار عما أنكروا عليه من مخالفة دين القوم وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ يعنى ما أريد ان ارتكب ما أنهاكم عنه فلو كان ثوابا ما تركته ولكنى أحب لكم ما أحب لنفسى واكره لكم ما كرهت لنفسى - يقال خالفت زيدا إلى كذا إذا قصدت شيئا وهو تاركه - وخالفته عنه إذا تركت ما هو فاعله إِنْ أُرِيدُ بالنهى عن الإشراك والتطفيف والأمر بالتوحيد والإيفاء إِلَّا الْإِصْلاحَ يعنى إصلاحكم واخلاء العالم من الفساد مَا اسْتَطَعْتُ ما مصدرية واقعة موضع الظرف أى مدة استطاعتي للاصلاح وما دمت متمكنا منه لا آلو جهدا - أو موصولة بدل من الإصلاح أى المقدار الّذي استطعته أو إصلاح ما استطعته فحذف المضاف وَما تَوْفِيقِي قرأ نافع وأبو عمرو وابن عامر بفتح الياء والباقون بإسكانها والتوفيق جعل الأسباب موافقا للمطلوب الخير - يعنى ما يتيسر لى إصابة الحق والصواب إِلَّا بِاللَّهِ أى بهدايته ومعونته عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ فانه القادر المتمكن على كل شيء وما عداه عاجز فى حد ذاته بل معدوم ساقط عن درجة الاعتبار - وفيه اشارة إلى محض التوحيد الّذي هو أقصى مراتب العلم بالمبدأ - والتوكل من مقامات الصوفية العلية رحمهم اللّه وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨) أى ارجع فيما ينزل بي من النوائب - وقيل فى المعاد وهو أيضا يفيد الحصر بتقديم الصلة على الفعل - والانابة طلب التوفيق لاصابة الحق فيما يأتى ويذر من اللّه والاستعانة فى مجامع الأمور والإقبال عليه بشر أشره - وفيه قطع لاطماع الكفار واظهار لعدم المبالاة بهم وتهديد لهم بالرجوع إلى اللّه للجزاء.
وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ أى يكسبنكم شِقاقِي قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها يعنى خلافى وعداوتى أَنْ يُصِيبَكُمْ من العذاب مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ من الغرق أَوْ قَوْمَ هُودٍ من الريح أَوْ قَوْمَ صالِحٍ من الرجفة والصيحة - وان يصيبكم ثانى مفعولى يجرم فانه يتعدى إلى واحد والى اثنين ككسب وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) بالزمان فانهم اقرب الهالكين منكم زمانا حتّى تعلمون ما حاق بهم - أو المعنى ما ديار قوم لوط منكم ببعيد بالمكان فانهم كانوا جيرانهم - أو المعنى ما قوم لوط منكم ببعيد فيما تستحقون به العذاب من الكفر والمعاصي - وافراد البعيد