ج ٥، ص : ١١٦
واما من أنكر الاخرة فهو كالانعام لا بصر له ولا بصيرة فلا يعتبر بل يحيلها إلى الاتفاق ذلِكَ اشارة إلى يوم القيامة دل عليه عذاب الاخرة يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ أى يجمع له الناس أى لما فيه من المحاسبة والمجازة والتغير للدلالة على ثبات معنى الجمع لليوم - وانه من شأنه لا محالة وأن الناس لا ينفكون عنه وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) أى مشهود فيه يشهد فيه الشهداء على الناس - أو مشهود فيه الخلائق الموقف لا يغيب منهم أحد - واتسع فيه بإجراء الظرف مجرى المفعول
وَما نُؤَخِّرُهُ أى ذلك اليوم قرأ يعقوب بالياء « ١ » على الغيبة أى ما يؤخر اللّه إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) أى الا لانتهاء مدة معدودة معلومة عند اللّه على حذف المضاف وأراد مدة التأجيل كلها بالأجل لا منتهاها فانه لا « ٢ » تعدد فيه
﴿ يَوْمَ يَأْتِ ﴾
أى الجزاء أو اليوم على أن اليوم بمعنى حين أو اللّه عز وجل كقوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ - وجاء ربّك قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة يأت بحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة ونافع وأبو عمرو والكسائي بالياء أصلا فقط وابن كثير فى الحالين - والظرف متعلق باذكر أو بانتهاء المحذوف أو بقوله لا تَكَلَّمُ بحذف احدى التاءين أى لا تتكلم نَفْسٌ ما ينفع وينجى من جواب أو شفاعة إِلَّا بِإِذْنِهِ أى الا اذن اللّه نظيره لا يتكلّمون الّا من اذن له الرّحمن فَمِنْهُمْ الضمير لاهل الموقف دل عليهم قوله لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ أو للناس فى قوله تعالى يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ | شَقِيٌّ كتب عليه الشقاوة وَسَعِيدٌ (١٠٥) كتب له السعادة عن على بن أبى طالب رضى اللّه عنه قال خرجنا على جنازة - فبينا نحن بالبقيع إذ خرج علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبيده مخصرة - فجاء ثم جلس فنكت بها الأرض ساعة ثم قال ما من نفس منفوسة الا قد كتب مكانها من الجنة أو النار والا قد كتب شقى وسعيد - قال فقال رجل ألا نتكل على كتابنا يا رسول اللّه وندع العمل - قال لا ولكن اعملوا فكل ميسر فاما أهل الشقاء فيسروا لعمل أهل الشقاوة واما أهل السعادة فيسروا لعمل أهل السعادة قال ثم تلا فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى الآية رواه البغوي وفى الصحيحين نحوه - |
_________
(١) والصحيح ان يعقوب مع الجمهور فى نون العظمة - أبو محمّد عفا اللّه عنه
(٢) فى الأصل ان لا تعدد فيه -