ج ٥، ص : ١٤١
وروى مسلم عن أبى قتادة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الرؤيا الصالحة من اللّه والرؤيا السوء من الشيطان - فمن راى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان فانها لا تضره ولا يخبر بها أحدا - وان راى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر بها الا من يحب - وعنه فى الصحيحين وعند أبى داؤد والترمذي بلفظ الرؤيا الصالحة من اللّه والحلم من الشيطان فإذا راى أحدكم شيئا يكرهه فلينفث حين يستيقظ عن يساره ثلاثا وليتعوذ بالله منها فانها لا تضره - فان قيل ما معنى قوله صلى اللّه عليه وسلم من راى رؤيا فكره فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله منها - قلنا معناه واللّه اعلم ان الرؤيا ان كانت من تخويفات الشيطان وتسويلاته فيذهب وسوسته بالتعوذ - وان كان من عالم المثال فقد يكون حكاية عن قضاء معلق فالتعوذ بالله منها أى من الرؤيا يردّ القضاء المعلق ان شاء اللّه تعالى فلا تضرّه - ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم فلا يقصّها على أحد وليقم يصلى انه ان قصّها على أحد يحزنه تعبيرها - فالاولى ان يرجع إلى اللّه تعالى بالصلوة والدعاء حتّى يدفع القضاء المعلق المحكي عنه بالرؤيا - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يردّ القضاء الا الدعاء الحديث - رواه الشيخان فى الصحيحين عن سلمان وابن حبان والحاكم عن ثوبان - وليس النهى عن التحديث على التحريم أو التنزيه الا ترى ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لاصحابه يوم أحد انى رايت فى المنام سيفى ذا الفقار انكسر وهى مصيبة - ورايت بقرا تذبح وهى مصيبة - وقد مر الحديث فى تفسير قوله تعالى وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ فى سورة ال عمران - وانه صلى اللّه عليه وسلم ارى بنى امية على منبره فساءه ذلك - وقد حدث به وذكرنا الحديث فى تفسير سورة القدر - وراى ابن عباس قتل الحسين عليه السلام فى رؤياه يوم قتل فحدث به - وفى الباب أحاديث كثيرة - قلت وجاز ان يكون النهى عن
تحديث الرؤيا المكروهة كيلا يظهر الأعداء الشماتة والفرح - وعن تحديث المبشرات الا عند اللبيب أو الحبيب كيلا يحسدوه ولذلك امر يعقوب يوسف عليهما السلام بكتمان رؤياه على اخوته فقال لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً أى فيحتالوا لاهلاكك حيلة حسدا - عدى الكيد