ج ٥، ص : ١٤٤
رضائهم به أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً أى بأرض منكورة بعيدة من العمران - بحيث يبعد عن أبيه - وهو معنى تنكيرها وابهامها - ولذلك نصب كالظروف المبهمة يَخْلُ لَكُمْ جواب الأمر والمعنى يصف لكم وَجْهُ أَبِيكُمْ أى توجهه إليكم عن شغله بيوسف حتّى لا يلتفت عنكم إلى غيركم - ولا ينازعكم فى محبته أحد وَتَكُونُوا جزم بالعطف على يخل مِنْ بَعْدِهِ أى بعد يوسف أو بعد الفراغ من امره بالقتل أو الطرح - أو قتله أو طرحه قَوْماً صالِحِينَ (٩) تائبين إلى اللّه عمّا جنيتم فيعف اللّه عنكم - أو صالحين مع أبيكم يصلح ما بينكم وبينه بعذر تمهدونه كذا قال مقاتل - أو صالحين امر دنياكم فانه ينتظم لكم بعده لخلو وجه أبيكم -.
قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ وهو يهودا وقال قتادة روبيل - قال البغوي والاول أصح لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ فان القتل كبيرة عظيمة وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ أى فى قعره والغيابة كل موضع ستر عنك الشيء وغيّبه - سمى القعر بها لستره ما فيه عن عين الناظر - كذا قرأ الجمهور - وقرا أبو جعفر ونافع فى غيبت الجبّ على الجمع كأنَّه كان لذلك الجب غيابات - قال البغوي والجب البئر الغير المطوية لأنه جب أى قطع ولم يطو - وفى القاموس الجب بالضم البئر أو الكثيرة الماء البعيدة القعر أو الجيّدة الموضع من الكلاء أو الّتي لم تطوا ومما وجد لا مما حفره الناس يَلْتَقِطْهُ أى يأخذه والالتقاط أخذ الشيء من حيث لا يحس به بَعْضُ السَّيَّارَةِ الذين يسيرون فى الأرض إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠) بمشورتى فافعلوا هذا - أو ان كنتم على ان تفعلوا ما يفرق بينه وبين أبيه فاكتفوا به - قال محمّد بن إسحاق اشتمل فعلهم على جرائم من قطيعة الرحم وعقوق الوالد وقلة الرأفة بالصغير الّذي لا ذنب له والغدر بالامانة وترك العهد والكذب مع أبيهم - وعفا اللّه عنهم ذلك كله حتّى لا ييئس من رحمة اللّه أحد - قلت لعل وجه مغفرة اللّه إياهم تلك الجرائم كلها لشدة حبهم بأبيهم يعقوب عليه السلام - فانه انما أوقعهم فى تلك الجرائم ذلك الحب - حيث أرادوا ان يخلوا لهم وجه أبيهم ويندفع ما يخلّ بهم فى محبتهم - وقال بعض أهل العلم انهم عزموا على قتله وعصمهم اللّه رحمة لهم ولو فعلوا لهلكوا أجمعون -