ج ٥، ص : ١٥٣
قال السدى وابن إسحاق لما أرادت امراة العزيز مراودة يوسف عن نفسه جعلت تذكر له محاسن نفسه وشوّقته « ١ » إلى نفسها - فقالت يا يوسف ما احسن شعرك قال هى أول ما ينتثر من جسدى - قالت ما احسن عينك قال هما أول ما يسيل على وجهى - قالت ما احسن وجهك قال هو للتراب تأكله - وقيل انها قالت ان فراش الحرير مبسوط فقم فاقض حاجتى - قال إذا يذهب نصيبى من الجنة - فلم تزل تطمعه وتدعوه إلى اللذة وهو شابّ يجد شبق الشباب ما يجد الرجل عند مراودة امراة حسناء جميلة فذلك قوله تعالى.
﴿ وَلَقَدْ هَمَّتْ ﴾
زليخا بِهِ أى بيوسف يعنى قصدت أن يواقعها وَهَمَّ يوسف بِها أى مال طبعه إليها واشتهاها مع كفه نفسه عنها كما يدل عليه قوله مَعاذَ اللَّهِ إلخ وليس المراد القصد الاختياري وذلك الميلان الطبعي وشهوة النفس مما لا يدخل تحت التكليف - بل الحقيق بالمدح والاجر الجزيل فان السبب لا فضلية البشر على الملائكة كف النفس عن الفعل عند قيام هذا الهمّ - قال الشيخ أبو منصور الماتريدى همّ يوسف بها همّ خطرة ولا صنع للعبد فيما يخطر بالقلب ولا مؤاخذة عليه - ولو كان همّه كهمنا لما مدحه اللّه تعالى بانّه مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ - وقال بعض أهل الحقائق الهمّ همان همّ ثابت وهو ما إذا كان معه عزم وعقد ورضى مثل همّ امراة العزيز فالعبد مأخوذ به - وهمّ عارض مثل الخطرة وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم مثل همّ يوسف عليه السلام والعبد غير ماخوذ به ما لم يتكلم أو يعمل قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال اللّه تعالى إذا تحدث عبدى بان يعمل حسنة فانا اكتبها له حسنة ما لم يعملها - فإذا عملها فانا اكتبها له بعشرة أمثالها - وإذا تحدث بان يعمل سيئة فانا اغفرها ما لم يعملها فإذا عملها فانا اكتبها له بمثلها - رواه البغوي من حديث أبى هريرة وفى الصحيحين وجامع الترمذي عنه بلفظ إذا همّ عبدى بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة - فان عملها كتبتها عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف - وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم اكتبها عليه فان عملها كتبتها سيئة واحدة - وجاز ان يكون معنى هم بها شارف على الهم - وما قيل فى تفسير قوله تعالى همّ بها انه حل الهميان وجلس منها مقعد الرجل من المرأة وما قيل انه حل سراويله وجعل يعالج ثيابه - وأسند هذا القول إلى سعيد بن جبير وغيره
_________
(١) فى الأصل شوّقه