ج ٥، ص : ١٦٠
السين والباقون بكسرها أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ من الزنى اختار السجن على المعصية حين توعّدته المرأة - أسند الدعاء إليهن وكان الدعاء من زليخا خاصة إلى نفسها خروجا من التصريح إلى التعريض - أو لانهن خوفنه عن مخالفتها وزيّنّ له مطاوعتها - وقيل انهن جميعا دعونه إلى انفسهن - قيل لو لم يسئل يوسف السجن ولم يقل السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ لم يبتل بالسجن - والاولى ان يسئل المرء العافية ولذلك رد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على من كان يسئل الصبر - روى الترمذي عن معاذ قال سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رجلا وهو يقول اللهم انى أسئلك الصبر - قال سالت البلاء فاسئله العافية وروى الطبراني عن العباس بن عبد المطلب قال قلت يا رسول اللّه علمنى شيئا ادع اللّه به فقال عليه السلام سل ربك العافية - فمكثت أياما ثم جئت فقلت يا رسول اللّه علمنى شيئا اسئله ربى عز وجل فقال يا عم سل اللّه العافية فى الدنيا والاخرة وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ فى تحسين الفاحشة الىّ بالتثبيت على العصمة أَصْبُ إِلَيْهِنَّ امل إلى اجابتهن أو إلى انفسهن بطبعي ومقتضى شهوتى - والصبوة الميل إلى الهوى وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ (٣٣) من السفهاء بارتكاب الفاحشة فان الحكيم لا يفعل القبيح - أو من الذين لا يعلمون بما يعلمون فانهم من الجهال حكما - قال البغوي فيه دليل على ان المؤمن إذا ارتكب ذنبا يرتكب عن جهالة.
فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فاجابه اللّه دعاءه الّذي تضمنه قوله وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي الآية فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ فثبته بالعصمة حتّى اثر مشقة السجن على اللذة المتضمنة للمعصية إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لدعاء الملتجئين إليه الْعَلِيمُ (٣٤) بأحوالهم وما يصلحهم.
ثُمَّ بَدا لَهُمْ أى ظهر للعزيز وأصحابه فى الرأى مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ الدالة على براءة يوسف من كلام الطفل وفد القميص من دبر وقطع النساء أيديهن واستعصامه عنهن - وفاعل بدا ضمير مبهم يفسره قوله لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (٣٥) أى مدة يرون فيها رأيهم وذلك باستهزال المرأة لزوجها وكان زوجها مطواعا لها ذلولا ذمامه فى يدها - وقد طمعت ان يذلل السجن يوسف ويسخره لها - أو خافت عليه العيون وظنت منه الظنون فالجاها له الخجل من الناس والوجل من اليأس إلى ان رضيت بالحجاب مكان خوف الذهاب - لتشتفى بخبره إذا منعت من نظره وقضاء حاجتها