ج ٥، ص : ١٦٢
وَقالَ الْآخَرُ أى الخباز إِنِّي قرأ نافع وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَرانِي قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ وذلك انه قال انى رايت كان فوق رأسى ثلاث سلال فيها الخبز وألوان الاطعمة وسباع الطير تنهش منه نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ أى أخبرنا بتفسيره وتعبيره وما يؤل إليه امر هذا الرؤيا إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦) أى من الذين يحسنون تأويل الرؤيا - أو من العالمين والإحسان بمعنى العلم - وانما قالا ذلك لانهما راياه فى السجن يذكّر الناس ويعبر رؤياهم - أو من المحسنين إلى أهل السجن فاحسن إلينا بتأويل ما راينا ان كنت تعرفه - روى ان الضحاك بن مزاحم سئل عن قوله إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ما كان إحسانه - قال كان إذا مرض انسان فى السجن عاده وقام عليه - وإذا ضاق عليه المجلس وسّع له - وإذا احتاج جمع له شيئا - وكان مع هذا يجتهد فى العبادة ويقوم الليل كله للصلوة - وقيل انه لما دخل السجن وجد فيه قوما اشتد بلاؤهم وانقطع رجاؤهم وطال حزنهم - فجعل يسلّيهم ويقول ابشروا واصبروا تؤجروا - فيقولون بارك اللّه فيك يا فتى ما احسن وجهك وخلقك وحديثك لقد بورك لنا فى جوارك فمن أنت يا فتى - قال انا يوسف بن صفى اللّه يعقوب بن ذبيح اللّه إسحاق بن ابراهيم خليل اللّه - فقال له عامل السجن بافتى واللّه لو استطعت لخليت سبيلك ولكن ساحسن جوارك تمكّن فى أى بيوت السجن شئت - وروى ان الفتيين « ١ » لما رايا يوسف قالا له لقد احببناك حين رايناك - فقال لهما يوسف أنشدكما بالله ان لا تحبانى - فو اللّه ما أحبني أحد قط الا دخل علىّ من حبه بلاء - فقد احبّتنى عمتى فدخل علىّ بلاء - ثم احبّنى أبى فالقيت فى الجب - واحبّتنى امراة العزيز فحبست - فلما قصّا عليه الرؤيا كره يوسف ان يعبر لهما ما سالاه لما علم فى ذلك من
المكروه على أحدهما - فاعرض عن سوالهما وأخذ فى غيره من اظهار المعجزة والدعاء إلى التوحيد.
قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ « ٢ » قيل أراد به ترزقانه فى النوم يقول لا يأتيكما طعام ترزقانه فى نومكما إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ فى اليقظة قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما تأويله - وقيل أراد انه لا يأتيكما طعام من منازلكما ترزقانه فى اليقظة أى تطعمانه
_________
(١) فى الأصل ان الفتيان
(٢) فى الأصل فقال يكن الفاء ليست من القرآن بل هى من التفسير ١٢ أبو محمّد


الصفحة التالية
Icon