ج ٥، ص : ١٧٦
شبعت ان انسى الجائع - وامر يوسف طباخى الملك ان يجعلوا غداه نصف النهار - وأراد بذلك ان يذوق الملك طعم الجوع ولا ينسى الجائعين - فمن ثم جعل الملوك غداهم نصف النهار - قال وقصد الناس مصر من كل أوب يمتارون - فجعل يوسف لا يمكّن أحدا منهم وان كان عظيما اكثر من حمل بعير - تقسيطا بين الناس وتزاحم الناس عليه - وأصاب ارض كنعان وبلاد الشام ما أصاب سائر البلاد من القحط والشدة - ونزل بيعقوب عليه السلام ما نزل بالناس - وكان منزله بالغرمات من ارض فلسطين ثغور الشام وكانوا أهل بادية وابل وشياه فارسل بنيه إلى مصر للميرة وقال بلغني ان بمصر ملكا صالحا يبيع الطعام فتجهزوا واذهبوا لتشتروا منه الطعام وامسك عنده بنيامين أخا يوسف شقيقه.
وَجاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ العشرة فَدَخَلُوا عَلَيْهِ أى على يوسف عليه السلام فَعَرَفَهُمْ يوسف قال ابن عباس ومجاهد عرفهم باول ما نظر إليهم - وقال الحسن لم يعرفهم حتّى تعرفوا إليه وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨) أى لم يعرفوه قال ابن عباس وكان بين ان قذفوه فى البئر وبين ان دخلوا عليه أربعون سنة فلذلك أنكروه - وقال عطاء انما لم يعرفوه لأنه كان على سرير الملك وعلى رأسه تاج الملك - وقيل لأنه كان بزىّ الملوك عليه ثياب حرير وفى عنقه طوق ذهب - قلت وهذا انما يتصور لو كان لبس الحرير والذهب جائزا فى دين يوسف عليه السلام فلما نظر إليهم يوسف وكلموه بالعبرانية قال أخبروني من أنتم وما أمركم فانى أنكرت شأنكم - قالوا قوم من ارض الشام رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار الطعام - فقال لعلكم جئتم تنظرون عورة بلادي - قالوا لا واللّه ما نحن بجواسيس - انما نحن اخوة بنوا اب واحد وهو شيخ صديق يقال له نبى من أنبياء اللّه عز وجل - قال وكم أنتم قالوا كنا اثنى عشر فذهب أخ لنا - هو أصغرنا إلى البرية فهلك فيها - وكان أحبنا إلى أبينا - قال فكم أنتم هاهنا قالوا عشرة - قال فاين الاخر - قالوا عند أبينا لأنه أخ الّذي هلك من امه فابونا يتسلّى به - قال فمن يعلم ان الّذي تقولون حق وصدق - قالوا أيها الملك اننا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد - فحمد يوسف لكل رجل منهم بعيرا بعدتهم وجهز بجهازهم - أى أصلحهم بعدتهم والجهاز ما يعد من الامتعة للنقلة.
وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ قالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ان كنتم صادقين فانا ارضى