ج ٥، ص : ١٨٧
أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي على لسان يعقوب عليه السلام بالخروج منها وترك أخي أو بالموت أو بخلاص أخي منهم أو بالمقاتلة معهم لتخليصه وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ (٨٠) لا يكون حكمه الا بالحق ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ على ما شاهدنا من ظاهر الأمر - وقرا ابن عباس والضحاك سرّق على البناء للمفعول من التفعيل يعنى نسب إلى السرقة كما يقال خوّنته أى نسبته إلى الخيانة.
وَما شَهِدْنا عليه بالسرقة إِلَّا بِما عَلِمْنا أى بسبب ما تيقنّا وراينا ان الصواع استخرج من وعائه - وقيل معناه ما شهدنا قطّ على شيء الا بما علمنا وليست هذه شهادة منا انما هو خبر عن صنيع ابنك بزعمهم - وقيل قال لهم يعقوب ما يدرى هذا الرجل ان السارق يسترقّ بسرقته الا بقولكم فقالوا ما شهدنا عند يوسف ان السارق يسترقّ الا بما علمنا وكان الحكم ذلك عند الأنبياء يعقوب وبنيه وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ أى لباطن الحال حافِظِينَ (٨١) عن ابن عباس يعنى ما كنا لليله ونهاره ومجيئه وذهابه حافظين فلعلّها دسّت بالليل فى رحله - وقال مجاهد وقتادة ما كنا نعلم حين أعطيناك الموثق ان ابنك سيسترق - ويصير أمرنا إلى هذا وانك تصاب كما أصبت بيوسف وانما قلنا ونحفظ أخانا مما لنا إلى حفظه منه سبيل.
وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها يعنون مصر وقال ابن عباس هى قرية من قرى مصر لحقهم المنادى فيها وارتحلوا منها إلى مصر وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها أى القافلة الّتي كنا فيها - وكان صحبهم قوم من كنعان من جيران يعقوب عليه السلام - قال ابن إسحاق عرف الأخ المحتبس بمصران اخوته كانوا متهمين عند أبيهم لما صنعوا فى امر يوسف فامرهم ان يقولوا هذا لابيهم وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٨٢) فان قيل قال البغوي كيف استجاز يوسف ان يعمل مثل هذا بابيه - ولم يخبره بمكانه - وحبس أخاه مع علمه بشدة وجد أبيه - ففيه معنى العقوق وقطيعة الرحم وقلة الشفقة قلنا اكثر الناس فيه والصحيح انه عمل ذلك بامر اللّه تعالى امره ليزيد فى بلاء يعقوب فيضاعف له الاجر - ويلحقه فى درجة ابائه الكرام - وقيل انه لم يظهر نفسه له ولاخوته لأنه لم يأمن من ان يتدبروا فى امره تدبيرا فيكتموه عن أبيه والاول أصح قلت بل هو الصحيح لا غير -