ج ٥، ص : ٢٠٥
ذلِكَ الّذي ذكرت من قصة يوسف مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ يا محمّد وَما كُنْتَ يا محمّد لَدَيْهِمْ عند بنى يعقوب إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ أى عزموا ان يلقوا يوسف فى غيابت الجب وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢) بيوسف - هذا كالدليل على كونه يوحى إليه يعنى لا يخفى على مكذبيك انك ما كنت عند أولاد يعقوب وما لقيت أحدا يعلم ذلك حتّى سمعت القصة منه - انما حذف هذا الشق استغناء بذكره فى غير هذه القصة - كقوله تعالى ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا - قال البغوي روى ان يهود وقريشا سالوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن قصة يوسف فلما أخبرهم على موافقة التورية لم يسلموا فحزن النبي صلى اللّه عليه وسلم لذلك فانزل اللّه تعالى.
وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ يا محمّد على ايمانهم وبالغت فى اظهار الآيات عليهم بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) لما قضى اللّه تعالى عليهم بالكفر والنار.
وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ أى على الانباء أو القرآن مِنْ أَجْرٍ جعل إِنْ هُوَ أى القرآن إِلَّا ذِكْرٌ عظة من اللّه لِلْعالَمِينَ (١٠٤) عامة حجة على من لم يؤمن وبصيرة ورحمة لمن أمن به -.
وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ وكثير من اية أصله كاىّ عدد شئت من الدلائل الدالة على وجود الصانع وحكمته وكمال قدرته وتوحيده فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ أى الكفار عَلَيْها أى على تلك الآيات ويشاهدونها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥) أى والحال انهم يعرضون عنها - يعنى انهم يرون اثار الأمم الهالكة وغير ذلك من العبر ولا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها.
وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ أى يقرّون بوجوده وخالقيته إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) يعنى فى حال من الأحوال الا فى حال اشراكهم فى العبادة غيره تعالى به - فانهم كانوا إذا سئلوا من خلق السموات والأرض قالوا اللّه - وإذا سئلوا من ينزل من السماء ماء قالوا اللّه - ومع ذلك كانوا يعبدون الحجارة و « ١ » يقولون مطرنا بنوء كذا - وعن ابن عباس انه قال انها نزلت فى تلبية المشركين من العرب كانوا يقولون فى تلبيتهم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك - وقال عطاء هذا فى الدعاء حيث نسوا ربهم فى الرخاء - فإذا أصابهم البلاء أخلصوا الدعاء فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ
_________
(١) فى الأصل ويقول -