ج ٥، ص : ٢٠٧
هداية معدن العلم وكنز الايمان وجند الرّحمن - وقال ابن مسعود من كان مستنّا فليستنّ بمن قد مات أولئك اصحاب محمّد صلى اللّه عليه وسلم كانوا خير هذه الامة أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا قوم اختارهم اللّه لصحبة نبيه صلى اللّه عليه وسلم ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم كانوا على الهدى المستقيم وَسُبْحانَ اللَّهِ عطف على ادعوا يعنى ادعوا إلى اللّه وانزّهه تنزيها من الشركاء وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨).
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ يا محمّد إِلَّا رِجالًا لا ملائكة رد لقولهم لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً... نُوحِي إِلَيْهِمْ كما نوحى إليك وبذلك امتازوا عن غيرهم - قرأ حفص هنا وفى النحل والاول من الأنبياء بالنون وكسر الحاء على التكلم والبناء للفاعل والباقون بالياء وفتح الحاء على الغيبة والبناء للمفعول مِنْ أَهْلِ الْقُرى يعنى من أهل الأمصار لكونهم اعقل واعلم واحلم دون أهل البوادي لغلظهم وجفائهم - قال الحسن نظرا إلى هذه الآية لم يبعث اللّه نبيا من بدو ولا من الجن ولا من النساء - قلت لا دليل فى الآية على نفى النبوة من الجن - فانه تعالى قال كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ وأيضا الكلام فى بعث الرسل إلى الانس - وذلك لا يقتضى عدم إرسال الجن إلى الجن - وقد قال اللّه تعالى قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا... أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ يعنى هؤلاء المشركون المكذّبون فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ امر الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِم ْ
من المكذّبين بالرسل والآيات فيعتبروا ويحذروا تكذيبك - أو من المستغرقين بالدنيا المتهالكين عليها فينقلعوا عن حبها وَلَدارُ الْآخِرَةِ أى دار الحالة الاخرة أو الساعة الاخرة أو الحيوة الاخرة خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والمعاصي يقول اللّه تعالى - هذا ما فعلنا باهل ولايتنا وطاعتنا ان ننجيهم عند نزول العذاب فى الدنيا - وما فى الدار الاخرة لهم خير - فترك ما ذكر اكتفاء بدلالة الكلام عليه أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) أى « ١ » تستعملون عقولكم لتعرفوا انها خير - قرأ نافع وابن عامر وعاصم ويعقوب بالتاء على الخطاب والباقون بالياء على الغيبة -
_________
(١) فى الأصل أى يستعملون عقولهم ليعرفوا -


الصفحة التالية
Icon