ج ٥، ص : ٢٠٩
عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠) إذا نزل بهم وفيه بيان المشيتين - قلت ويمكن ان يكون المراد بمن نشاء بعض المؤمنين فان بعضهم قد يهلكون بمجاورة الكافرين قال اللّه تعالى وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً -.
لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ أى فى قصص الأنبياء وأممهم اوفى قصة يوسف واخوته عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ أى لذوى العقول السليمة المبراة عن شوائب الانف والركون إلى الحسّ - حيث نقل من غيابة الجب إلى غيابة الحب - ومن الحصير إلى السرير فصارت عاقبة الصبر السلامة والكرامة - ونهاية المكر الخزي والندامة ما كانَ القرآن حَدِيثاً يُفْتَرى أى يختلق وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ من التورية والإنجيل والزبور وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْ ءٍ مما يحتاج إليه العباد فى الدين - إذ ما من امر دينى الا وله سند من القرآن بوسط أو بغير وسط - فان ما كان ثابتا بالسنة فقد قال اللّه تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ - وقال أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ - وقال ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا - ونحو ذلك وما كان ثابتا بالإجماع فقد قال اللّه تعالى وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى الآية - وما كان ثابتا بالقياس فقد قال اللّه تعالى فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ وَهُدىً من الضلال وَرَحْمَةً ينال بها خير الدارين لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١١١) أى يصدقونه خصوا بالذكر لانتفاعهم به دون غيرهم - وما نصب بعد لكن معطوف على خبر كان - قال الشيخ أبو منصور فى ذكر قصة يوسف واخوته تصبير لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أذى قريش كأنَّه يقول ان اخوة يوسف مع كونهم موافقا له فى الدين وكانوا أبناء رجل واحد - عملوا بيوسف ما عملوا من الكيد والمكر وهم يعلمون قبح صنيعهم فصبر يوسف على ذلك وعفا عنهم - فانت أحق ان تصبر على أذى قومك فانهم كفار جهال لا يعلمون قبح صنيعهم - وقال وهب ان اللّه تعالى لم ينزل كتابا الا وفيه سورة يوسف تامة كما هى فى
القران واللّه اعلم تمت سورة يوسف مستهل صفر من السنة ١٢٠٢ الثانية بعد الف ومائتين ويتلوه سورة الرعد ان شاء اللّه تعالى.