ج ٥، ص : ٢١٤
وبعضها رخوة وبعضها صلبة - وبعضها يصلح للزرع دون الشجر وبعضها بالعكس - وبعضها قليلة الريع وبعضها كثيرة - ولو لا تخصيص قادر يفعل ما يشاء على ما أراد لم يختلف لاشتراك تلك القطع فى طبيعة الأرض وما يلزمها ويعرض لها بتوسط الأسباب السماوية من حيث انها متضامة متشاركة فى النسب والأوضاع وَجَنَّاتٌ بساتين مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وحّدها لكونها مصدرا فى الأصل وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ أى نخلات أصولها واحد جمع صنو كقنوان جمع قنو - ولا فرق بين تثنيتهما وجمعهما الا بان النون فى التثنية مكسورة بلا تنوين وفى الجمع منونة - ومنه قوله صلى اللّه عليه وسلم فى العباس ان عم الرجل صنو أبيه وَغَيْرُ صِنْوانٍ متفرقات مختلفة الأصول - قرأ ابن كثير وأبو عمرو وحفص زَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ برفع الاربعة عطفا على جنّت والباقون بجرها عطفا على أعناب يُسْقى قرأ عاصم وابن عامر ويعقوب بالتاء « ١ » للتانيث لأن الضمير راجعة إلى الجمع والباقون بالياء على التذكير على تأويل ما ذكر بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ قرأ حمزة والكسائي بالياء على الغيبة مطابقا بقوله يدبّر والباقون بالنون على التكلم بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ فى الثمر قدرا وطعما ورائحة ولونا - أخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الدقل والفارسي والحلو والحامض - وذلك أيضا مما يدل على الصانع الحكيم - فان اختلافها مع اتحاد الأصول والأسباب لا يكون الّا بتخصيص قادر مختار - قال مجاهد كمثل بنى آدم صالحهم وخبيثهم وأبوهم واحد - وقال الحسن هذا مثل ضرب اللّه لقلوب بنى آدم - كانت الأرض طينة واحدة فى يد الرّحمن فسطحها فصارت قطعا متجاورات - فانزل عليها الماء من السماء فاخرج من هذه زهرتها وشجرها وثمرها ومن هذه سبخها وملحها وخبثها - وكل تسقى بماء واحد - كذلك الناس خلقهم من آدم فانزل من السماء
ذكره فرق قلوب وخشعت وقسى قلوب ولهت - قال الحسن واللّه ما جالس القرآن أحد إلا قام من عنده بزيادة أو نقصان قال اللّه تعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ
_________
(١) هذا من سباق قلم لأنه قرأ عاصم وابن عامر ويعقوب بالياء على التذكير والباقون بالتاء على التأنيث - أبو محمّد


الصفحة التالية
Icon