ج ٥، ص : ٢١٦
فِي أَعْناقِهِمْ يعنى هم مقيدون بالضلال لا يرجى خلاصهم - أو هم يغلون يوم القيامة وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ يوم القيامة دل تكرار أولئك على تعظيم الأمر هُمْ فِيها خالِدُونَ (٥) لا ينفكون عنها وتوسيط الفصل لتخصيص الخلود بالكفار كما هو مذهب أهل الحق خلافا للمعتزلة -.
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ الاستعجال طلب الشيء عاجلا قبل وقته والمراد بالسيّئة هاهنا العقوبة وبالحسنة النعمة والعافية وذلك ان مشركى مكة كانوا يطلبون العقوبة بدلا من العافية استهزاء منهم يقولون اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ... وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لا يعتبرون بها - ولم يجوزوا حلول مثلها عليهم - والمثلة بفتح الثاء وضمها كالصّدقة والصّدقة العقوبة - لانها مثل المعاقب عليه ومنه المثال للقصاص وامثلت الرجل من صاحبه إذا اقتصصته وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ أى مع ظلمهم على أنفسهم ومحله النصب على الحال والعامل فيه المغفرة - قلت الظاهر ان الآية فى منكرى البعث والمراد بالمغفرة الامهال يعنى ان اللّه حليم يمهل الكفار مع ظلمهم ولذلك لم يعذبهم وهم يستعجلون العقوبة وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ (٦) يعنى إذا يحل بهم العقوبة من اللّه تعالى لا يستطيع أحد دفعه - وقال السدىّ قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ فى حق المؤمنين خاصة - وهى أرجى اية فى كتاب اللّه حيث وعد المغفرة مع الظلم - ففيه دليل على جواز العفو بلا توبة - إذ التائب ليس على الظلم بل التائب من الذنب كمن لا ذنب له رواه ابن ماجة عن ابن مسعود مرفوعا وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقابِ على الكفار - وقيل هما جميعا فى المؤمنين لكنه معلّق بالمشية فيهما أى يغفر لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ - أخرج ابن أبى حاتم والبيهقي والواحدي عن سعيد بن المسيب مرسلا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه قال لو لا عفو اللّه وتجاوزه ما « ١ » هاهنا أحد يعيش - ولو لا وعيده وعذابه لا تكل كل أحد -
_________
(١) فى الأصل ما هنا أحدا العيش - [.....]