ج ٥، ص : ٢٢٧
بمن أراد ان يغرف الماء ليشربه فبسط كفيه ليقبض على الماء - والقابض على الماء لا يكون فى يده شيء ولا يبلغ إلى فيه منه شيء - كذلك الّذي يدعو الأصنام وهى لا تضر ولا تنفع لا يكون بيده شيء وهذا التأويل مروى عن ابن عباس قال كالعطشان إذا بسط كفيه فى الماء لا ينفعه ذلك ما لم يغرف بهما الماء ولا يبلغ فاه ما دام باسط كفيه - فهذا مثل ضربه لخيبة الكفار وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ أصنامهم أى عبادتهم لها وطلب حاجتهم منها إِلَّا فِي ضَلالٍ (١٤) فى ضياع وخسار وبطلان - وقال الضحاك عن ابن عباس وما دعاء الكفرين ربهم جلّ وعلى الا فى ضلال لأن أصواتهم محجوبة عن اللّه تعالى بحجب الكفر والمعاصي واللّه اعلم -.
وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً يعنى الملائكة والمؤمنين وَكَرْهاً يعنى المنافقين والكافرين الّذين اكرهوا على السجود بالسيف - أو انهم يسجدون حالة الشدة والضرورة مع كراهيتهم ذلك - وانتصاب طوعا وكرها بالحال أو العلة وَظِلالُهُمْ يسجد معهم بالعرض - ويحتمل ان يراد بالسجود انقيادهم « ١ » لما اراده منهم شاءوا أو كرهوا - وانقياد ظلالهم لتصريفه إياها بالمد والتقليص - ويمكن ان يقال المراد بمن فى السّموت والأرض حقائق من فيها وأرواح الملائكة والمؤمنين وبظلالهم أشخاصهم وقوالبهم - كما عبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فى دعائه الظاهر بالسواد والباطن بالخيال - حيث قال فى سجوده سجد لك سوادى وخيالى - وهذا التأويل اولى مما سبق لأن الظلال الّتي يرى فى ضح الشمس عبارة عن سواد موضع لم يصل إليه ضوء الشمس لحجاب جثة الشيء - وذلك امر عدمى لا وجود لها فكيف يسند إليها السجود بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥) ظرف ليسجد والمراد بهما الدوم - والآصال جمع اصيل وهو ما بين العصر إلى المغرب -.
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خالقهما ومدبرهما ومتولى أمرهما استفهام تقرير - فانهم كانوا يقولون بان اللّه خالقهم وخالق السموات والأرض قُلِ اللَّهُ يعنى ان لم يقولوه فاجب أنت عنهم - إذ لا جواب لهم سواه وهم يقولون بذلك - ولانه هو البين الّذي لا يحتمل الاختلاف أو لقنهم الجواب به - قال البغوي روى انه لما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للمشركين من ربّ السّموت والأرض - قالوا أجب أنت فقال اللّه تعالى قُلِ اللَّهُ - ثم
_________
(١) فى الأصل ما اراده