ج ٥، ص : ٢٤١
عن ايمانهم حتّى طمعوا ذلك مع ما راوا من أحوالهم انهم راوا من الآيات ما هو أعظم من ذلك فلم يؤمنوا الا ترى ان انشقاق القمر باشارة النبي صلى اللّه عليه وسلم أشد اعجازا من تسيير الجبال وتقطيع الأرض - وتكليم الحصى أشد إعجازا من تكليم الموتى وغير ذلك ما لا يحصى أَنَّ مخففة من الثقيلة أى انه لَوْ يَشاءُ اللَّهُ متعلق بمحذوف تقديره أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا من ايمانهم علما منهم أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً أو متعلق بامنوا وان مصدرية يعنى الذين آمنوا بان لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً - وقال اكثر المفسرين معنى ا فلم يايئس أفلم يعلم - قال الكلبي هى لغة النخع وقيل لغة هو اذن وأنكر الفراء ان يكون بمعنى العلم وزعم انه لم يسمع أحدا من العرب يقول يئست بمعنى علمت ويمكن ان يقال انه استعمل الإياس بمعنى العلم مجازا لأنه مسبب عن العلم فان المأيوس عنه لا يكون الا معلوما ولذلك علقه بقوله أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أى انه لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً والسبب لهذا القول ما أخرج ابن جرير عن علىّ وأبو عبيدة وسعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس انهما قرأ ا فلم يتبيّن الّذين آمنوا ان لّو يشاء اللّه لهدى النّاس جميعا فكانه تفسير لقوله (ا فلم « ١ » يياسوا) واللّه اعلم - وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا من الكفر والأعمال الخبيثة قارِعَةٌ أى داهية تقرعهم من انواع البلاء أحيانا بالجدب وأحيانا بالسلب وأحيانا بالقتل والاسر - قال ابن عباس أراد بالقارعة السرايا الّتي كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبعتهم إليهم أَوْ تَحُلُّ يعنى القارعة من السرايا وغير ذلك قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ فيقرعون منها ويتطاء إليهم شررها - وقيل معناه أو تحل أنت يا محمّد بنفسك الكريمة قريبا من دارهم وقد حلّ بالحديبية والآية على
هذا وعلى ما قال ابن عباس فى كفار مكة حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ أى الموت أو القيامة ان كانت الآية عامة أو فتح مكة ان كانت فى كفار مكة إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٣١) لامتناع الكذب والخلف فى كلامه ولمّا كان الكفار يسئلون هذه الأشياء على سبيل الاستهزاء انزل اللّه تعالى تسلّية للنبى صلى اللّه عليه وسلم.
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ كما يستهزءون بك فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الملوة المدة الطويلة من الدهر ومنه الملوان الليل والنهار
_________
(١) فى الأصل هكذا وفى الآية أَفَلَمْ يَيْأَسِ -


الصفحة التالية
Icon