ج ٥، ص : ٢٤٧
وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ - ثم أشكل علىّ هذا الأمر وقلت ما معنى رد القضاء المبرم بدعاء أحد فانه لا مرد لقضائه تعالى المبرم بوجه من الوجوه - والا لا يكون المبرم مبرما - وهذا خلف أو يلزم المحال - فالهمنى اللّه تعالى حل ذلك الاشكال ان القضاء المعلق نوعان - أحدهما ما كتب فى اللوح المحفوظ تعليقه وكتب ان رد هذا القضاء معلق بامر كذا - وثانيهما ما لم يكتب تعليقه فى اللوح - فهو فى اللوح على صورة المبرم ومعلق محوه وإثباته فى علم اللّه تعالى - فما قال السيد السند رضى اللّه عنه ان القضاء المبرم يرد بدعوتي - فذلك القضاء هو الّذي فى اللوح فى صورة المبرم وليس مبرما فى علم اللّه تعالى - وكان شقاوة ملا طاهر من هذا القبيل مبرما فى اللوح معلقا محوه بدعاء المجدد رضى اللّه عنه فى علم اللّه تعالى واللّه اعلم وقال الضحاك والكلبي معنى الآية ان الحفظة يكتبون جميع اعمال ابن آدم وأقواله فيمحو اللّه من ديوان الحفظة ما ليس فيه ثواب ولا عقاب - مثل قوله أكلت وشربت دخلت وخرجت ونحوها من كلام هو صادق فيه - ويثبت ما فيه ثواب أو عقاب - قال الكلبي يكتب القول كله حتّى إذا كان يوم الخميس طرح منه كل شيء ليس فيها ثواب ولا عقاب - وقال عطية عن ابن عباس رضى اللّه عنهما هو الرجل يعمل بطاعة اللّه ثم يعود يعصيه فيموت على ضلاله فهو الّذي يمحو - ورجل يعمل بطاعة اللّه فيموت وهو فى طاعته فهو الّذي يثبت - روى مسلم عن عبد اللّه بن عمرو قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان قلوب بنى آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرّحمن كقلب واحد يصرّفه كيف يشاء - ثم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك - وقال الحسن يمحو ما يشاء أى من جاء اجله يذهب به ويثبت من لم
يجئ اجله إلى اجله - وعن سعيد بن جبير قال يمحو ما يشاء من ذنوب العباد فيغفرها ويثبت ما يشاء فلا يغفرها - وقال عكرمة يمحو ما يشاء من الذنوب بالتوبة ويثبت بدل الذنوب حسنات - كما قال فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ - روى مسلم عن أبى ذر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغائر ذنوبه فيعرض عليه صغائرها وتخبأ عنه كبائرها - فيقال عملت يوم كذا كذا وكذا وهو يقرّ وليس ينكر وهو مشفق من الكبائر ان تخيى - فقال أعطوه مكان كل سيئة حسنة فيقول ان لى ذنوبا