ج ٥، ص : ٢٥٩
اشعار بان الايمان بالله يقتضى التوكل عليه - لأن المرء إذا اعتقد ان الخالق للخير والشر والمعطى والمانع انما هو اللّه الواحد القهار لا غير لزمه ان يفوض امره إليه لا غير - ثم بيّنوا ما أشعروا به بقولهم.
وَما لَنا أى للمؤمنين أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ يعنى اىّ عذر لنا فى عدم التوكل وَقَدْ هَدانا اللّه سُبُلَنا الّتي بها نعرف ونعلم ان الأمور كلها بيد اللّه لا غير فامنا به وَلَنَصْبِرَنَّ نحن وجميع اتباعنا عَلى ما آذَيْتُمُونا أيها الكفار جواب قسم محذوف أى واللّه لنصبرن - أكدوا بالقسم توكلهم وعدم مبالاتهم بما يفعل بهم الكفار وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (١٢) يعنى فليثبت على توكلهم الّذي اقتضاه ايمانهم -.
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا جمع الكفار بانكارهم دعوى الرسالة وعيدهم بالإخراج - وحلفوا ان يكون أحد الامرين اما إخراجهم الرسل أو عودهم - يعنى صيرورة الرسل إلى ملتهم - فان الرسل ما كانوا على ملة الكفار قط - ويجوز ان يكون الخطاب لكل رسول ولمن أمن معه فغلبوا الجماعة على الواحد أو كان الترديد للتوزيغ يعنى لنخرجن من لم يعد ولنبقين من عاد منكم إلى ملتنا - وجاز ان يكون أو بمعنى الّا ان - أو إلى ان يعنون واللّه لنخرجنكم الا ان ترجعوا أو إلى ان ترجعوا إلى ملتنا فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أى إلى الرسل رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) على إضمار القول أو اجراء الإيحاء مجراه لكونه نوعا منه.
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ أيها الرسل ومن أمن معكم الْأَرْضَ أى ارض الكفار وديارهم مِنْ بَعْدِهِمْ أى بعد إهلاكهم ذلِكَ اشارة إلى الموحى وهو إهلاك الأعداء وتسليطهم على الأرض لِمَنْ خافَ مَقامِي أى قيامه بين يدىّ يوم القيامة - نظيره قوله تعالى لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ - فاضاف قيام العبد إلى نفسه - أو المعنى لمن خاف موقفى وهو الموقف الّذي يقيم فيه العباد للحكومة يوم القيامة - أو قيامى عليه وحفظى اعماله - وقيل المقام مقحم والمعنى لمن خافنى وَخافَ وَعِيدِ (١٤) اثبت الياء ورش فى الوصل فقط والباقون يحذفونها فى الحالين أى خاف وعيدي بالعذاب أو عذابى الموعود للكفار -.


الصفحة التالية
Icon