ج ٥، ص : ٢٧٦
سارة تحت ابراهيم عليه السلام فمكثت معه دهرا لا ترزق ولدا - فلمّا رات ذلك وهبت له هاجر أمة قبطية - فولدت له إسماعيل فغارت من ذلك سارة - ووجدت فى نفسها وعقّبت على هاجر فحلفت ان تقطع منها ثلاثة اشراف - فقال لها ابراهيم هل لك ان تبرئ يمينك قالت كيف اصنع - قال اثقبي اذنها واخفضيها - والخفض هو الختان - ففعلت ذلك فوضعت هاجر فى اذنها قرطين - فازدادت بهما حسنا - فقالت أراني انما ازددتها جمالا - فلم ترض على كونه معها - ووجد بها ابراهيم وجدا شديدا فنقلها إلى مكة - فكان يزورها فى كل يوم من الشام على البراق من شغفه بها وقلة صبره عنها - وروى البخاري فى الصحيح والبغوي بسنده حديث ابن عباس قال أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل عليه السلام اتخذت منطقا لتعفى اثرها على سارة - ثم جاء بها ابراهيم وبابنها إسماعيل عليهما السلام وهى ترضعه - حتّى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم فى أعلى المسجد - وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنا لك - ووضع عند هما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء - ثم قفل ابراهيم فتبعته أم إسماعيل فقالت يا ابراهيم اين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الّذي ليس فيها أنس ولا شيء - فقالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليها - فقالت له ءاللّه أمرك بهذا قال نعم قالت « ١ » إذا لا يضيعنا ثم رجعت - فانطلق ابراهيم حيث لا يرونه فاستقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال رب إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ حتّى بلغ يشكرون - وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء - حتّى إذا نفد ما فى السقاء عطشت وعطش ابنها - وجعلت تنظر إليه يتلوّى أو قال يتلمظ - فانطلقت كراهية ان تنظر إليه - فوجدت الصفا اقرب جبل من الأرض يليها فقامت عليه - ثم استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا - فهبطت من الصفا حتّى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعى الإنسان
المجهود - حتّى جاوزت الوادي - ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحدا - ففعلت ذلك سبع مرات - قال ابن عباس قال النبي صلى اللّه عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما - فلما أشرفت على مروة سمعت صوتا فقالت صه تريد نفسها ثم تسمّعت
_________
(١) فى الأصل قال -