ج ١، ص : ٢٠
كما في قوله تعالى قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ فهو في اصطلاح الشرع مشترك فى المعنيين - والغيب مصدر وصف به للمبالغة كالشهادة قال اللّه تعالى عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ والمراد به ما غاب عن أبصارهم من ذات اللّه وصفاته والملائكة والبعث والجنة والنار والصراط والميزان وعذاب القبر وغير ذلك فهو واقع موقع المفعول به للايمان والباء صلة - أو بمعنى الفاعل وقع حالا من فاعل يؤمنون يعنى يؤمنون غائبين عنكم لا كالمنافقين في حضور المؤمنين خاصة دون الغيبة وقيل عن المؤمن به - روى عن ابن مسعود انه قال ان امر محمد صلى اللّه عليه وسلم كان بيّنا لمن راه والذي لا الله غيره ما من أحد قط أفضل ايمانا من ايمان بغيب ثم قرأ الم ذلِكَ الْكِتابُ إلى قوله الْمُفْلِحُونَ - وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ أى يحافظون على حدودها وشرائطها وأركانها وصفاتها الظاهرة من السنن والآداب والباطنة من الخشوع والإقبال - من اقام العود إذا قومه - أو يديمونها ويواظبون عليها - من قامت السوق إذا نفقت وأقمتها إذا جعلتها نافقة والصلاة أصله الدعاء و
سميت بها لاشتمالها عليه قرأ ورش بتغليظ اللام إذا تحرك بالفتح بعد الصاد - أو الطاء - والظاء - نحو الصّلوة - ومصلّى - وأظلم - والطّلاق - ومعطّلة - وبطل - ونحو ذلك وقرا الباقون بالترقيق الا في لفظه اللّه خاصة إذا انفتح أو انضم ما قبله فيفخمونه « ١ » أجمعون - وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) الرزق في اللغة الحظ قال اللّه تعالى وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ - ويطلق على كل ما ينتفع به الحيوان والانفاق في الأصل الإخراج عن اليد والملك ومنه نفاق السوق حيث يخرج فيه السلعة والمراد به صرف المال في سبيل الخير هذه الآية في المؤمنين من مشركى العرب -.
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يعنى القرآن وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من التورية والإنجيل وسائر الكتب المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - هم المؤمنون من أهل الكتاب - كذا أخرج ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس رضى اللّه عنهما - فعلى هذا الآيتان تفصيل للمتقين - أو المراد بهم هم الأولون من قبيل قوله شعر إلى الملك القوم وابن الهمام - وليت الكتيبة في المزدحم - على معنى انهم الجامعون بين الايمان بما يدركه العقل جملة وإتيان الشرائع وبين الايمان بما لا طريق إليه غير السمع أو من قبيل عطف الخاص على العام
_________
(١) فى الأصل فيفخمون ١٢


الصفحة التالية
Icon