ج ٥، ص : ٢٧٩
ليكون من أجل النعم وأجلاها.
رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ معدّلا لها بأركانها وآدابها محافظا ومواظبا عليها وَمِنْ ذُرِّيَّتِي عطف على المنصوب فى اجعلنى يعنى واجعل بعض ذريتى من يقيمون الصلاة أورد من التبعيضية لعلمه باعلام اللّه تعالى انه يكون فى ذريته كفار حيث قال اللّه تعالى لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ... رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ (٤٠) قرأ البزي دعائى بإثبات الياء فى الحالين وورش وأبو عمرو اثبتاها « ١ » فى الوصل فقط - والباقون يحذفونها فى الحالين - والمعنى استجب دعائى أو تقبل عبادتى - روى الترمذي عن أنس واحمد والبخاري فى الأدب واصحاب السنن الاربعة وابن حبان والحاكم عن النعمان بن بشير وأبو يعلى عن البراء بن عازب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة - وروى الترمذي عن أنس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم الدعاء مخ العبادة.
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ هذه الآية تدل على ان والديه عليه السلام كانا مسلمين - وانما كان آزر عمّا له وكان اسم أبى ابراهيم تارخ كما ذكرنا فى سورة البقرة - ولاجل دفع توهم آذر قال والدي يعنى من ولداني حقيقة ولم يقل أبوي - فان الأب يطلق على العم مجازا وعلى تقدير كون آذر أبا له كما قيل - فقد ذكر اللّه عذره فى سورة التوبة وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ - يعنى قبل ان يتبين له امره فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ... وَاغفر لِلْمُؤْمِنِينَ كلهم أجمعين يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ (٤١) أى يثبت أو يبدوا ويظهر مستعار من القيام على الرحل - كقولهم قامت الحرب على ساق - أو المعنى يوم يقوم أهل الحساب فحذف المضاف وأسند الفعل إلى المضاف إليه مجازا - كما فى قوله تعالى وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ - وقيل أراد يوم يقوم الناس للحساب فاكتفى بذكر الحساب لكونه مفهوما -.
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ (٥) الغفلة عدم الاطلاع على حقيقة الأمور والآية خطاب لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والمراد به تثبيته على ما هو عليه من انه مطلع على أحوالهم وأفعالهم لا يخفى عليه خافية معاقب على الكثير والقليل لا محالة - أو لكل من يتوهم غفلته جهلا بصفاته واغترارا
_________
(١) فى الأصل أثبتها -


الصفحة التالية
Icon