ج ٥، ص : ٢٨٥
البحر نارا وتبدل الأرض غيرها - وأخرج عن ابن مسعود قال الأرض كلها نار يوم القيامة - وأخرج عن كعب الأحبار قال يصير مكان البحر نارا - وأخرج مسلم عن ثوبان قال جاء حبر من اليهود إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال اين يكون الناس يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال هم فى ظلمة دون الجسر - وأخرج مسلم عن عائشة قالت قلت يا رسول اللّه ارايت قوله تعالى يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ اين الناس يومئذ قال على الصراط - قال البيهقي قوله على الصراط مجاز لكونهم يجاوزونه فوافق قوله فى حديث ثوبان دون الجسر لانها زيادة يتعين المصير إليها لثبوتها ولان ذلك عند الزجرة الّتي تقع بها نقلتهم من ارض الدنيا إلى ارض الموقف - وأخرج البيهقي عن أبيّ بن كعب فى قوله تعالى وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً قال يصير ان غبرة على وجوه الكفار لا على وجوه المؤمنين وذلك قوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ - قال السيوطي رحمه اللّه قد وقع الخلاف قديما للسلف فى ان التبديل تغير ذاتها أو صفاتها فقط - فرجح الأول ابن أبى حمزة وأشار إلى ان ارض الدنيا تضمحل وتعدم وتجدد ارض الموقف - وقال الشيخ ابن حجر رحمه اللّه لا تنافى بين تبديل الأرض وأحاديث مدها والزيادة فيها والنقص منها - لأن كل ذلك يقع لارض الدنيا لكن ارض الموقف غيرها - فانهم يزجرون من ارض الدنيا بعد تغيرها بما ذكرنا إلى ارض الموقف - قال ولا تنافى أيضا بين أحاديث مصيرها خبزة وغبرة ونارا بل تجمع بان بعضها تصير خبزة وبعضها غبرة وبعضها نارا وهو ارض البحر خاصة بدليل اثر أبيّ بن كعب - قلت لعل موضع أقدام المؤمنين يصير خبزة وموضع أقدام الكفار غبرة ونارا - وقال القرطبي جمع صاحب الإفصاح بين هذه الاخبار بان تبديل الأرض والسموات يقع مرتين أحدهما تبديل صفاتها فقط وذلك قبل نفخة
الصعق فتنتشر الكواكب وتخسف الشمس والقمر وتصير السماء كالمهل وتكشط عن الرءوس وتسير الجبال وتصير البحار نارا وعوّج الأرض وتنشق إلى ان تصير الهيئة غير الهيئة - ثم بين النفختين تطوى السماء والأرض وتبدل السماء سماء اخرى وهو قوله تعالى وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وتبدل الأرض فتمدّ مدّ الأديم وتعاد كما كانت فيها القبور والبشر على ظهرها وفى بطنها - وتبدل أيضا تبديلا ثانيا وذلك إذا وقفوا فى المحشر فتبدل لهم الأرض الّتي يقال لها الساهرة