ج ٥، ص : ٢٩٢
فيامرهم فيغسلون فى نهر الحيوة فيذهب الاسم عنهم - وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود فى هذه الآية قال هذا إذا راوهم يخرجون من النار - وأخرج هناد عن مجاهد فى هذه الآية قال إذا خرج من النار من قال لا اله الا اللّه -.
ذَرْهُمْ يعنى دعهم يا محمّد يعنى الذين كفروا يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا بدنياهم وَيُلْهِهِمُ أى يشغلهم عن الاستعداد للمعاد الْأَمَلُ أى توقعهم طول الأعمار فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٣) سوء صنيعهم إذا عاينوا العذاب والغرض من هذا الكلام اقناط الرسول صلى اللّه عليه وسلم عن انقيادهم واعلامه بانهم أهل الشقاوة فى علم اللّه تعالى وان نصحهم بعد ذلك مما لا فائدة فيه - وفيه الزام للحجة وتحذير عن إيثار التنعم وما يؤدى إليه طول الأمل.
وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ أى أهل قرية ومن زائدة إِلَّا وَلَها كِتابٌ أى وقت لهلاكها مقدر مكتوب فى اللوح المحفوظ مَعْلُومٌ (٤) عند اللّه تعالى والجملة صفة لقرية مستثناة من عموم الصفات والأصل ان لا تدخله الواو كما فى قوله تعالى إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ لكن لمّا شابهت صورتها صورة الحال ادخلت عليها تأكيدا للصوقها بالموصوف وجاز ان يقال الجملة حال من القرية لكونها فى حكم الموصوفة كأنَّه قيل وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ من القرى. إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ ما تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ من زائدة أَجَلَها أى لا تسبق أمة إلى الهلاك أجلها يعنى لا يهلك قبل ذلك وَما يَسْتَأْخِرُونَ (٥) أى لا يستأخرون الهلاك عند بلوغ الاجل وتذكير ضمير أمة حملا على المعنى.
وَقالُوا أى الكفار للنبى صلى اللّه عليه وسلم تهكما واستهزاء يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦) يعنون انك لتقول قول المجانين حيث تقول انزل علىّ الذكر اى.
القران لَوْ ما هل لا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ ليشهدوا لك بالصدق على ما تقول ويعضدون على الدعوة كقوله تعالى لَوْ لا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً - أو للعقاب على تكذيبنا كما أتت الأمم السابقة إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٧) فى دعوى النبوة.
ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ قرأ حفص وحمزة والكسائي ننزّل بنونين على صيغة المضارع المتكلم المعروف من التفعيل مسندا إلى اللّه تعالى والملئكة بالنصب على المفعولية وأبو بكر بالتاء الفوقانية