ج ٥، ص : ٢٩٦
له برازقين من الدواب والانعام فمن هاهنا بمعنى ما كما فى قوله تعالى فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ - وقيل يريد اللّه تعالى به العيال والخدم والمماليك والانعام والدواب الّتي يظنون انهم يرزقونها ظنا باطلا واللّه يرزقكم وإياهم وأورد كلمة من تغليبا للعقلاء على غيرهم - وقيل من فى محل الجر عطفا على الضمير المجرور فى لكم وفذلكة الآية الاستدلال بتلك الأشياء على وجود الصانع وكمال قدرته وتناهى حكمته وتفرده بالالوهية ووجوب الوجود والامتنان على العباد بما أنعم عليهم فى ذلك ليوحدوه ويعبدوه ويشكروه ولا يكفروه.
وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ أى ما من شيء خلقناه الا نحن قادرون على إيجاد أضعاف ما وجد منه من جنسه وتكوينها فضرب الخزائن مثلا لاقتداره - أو شبه مقدوراته بالأشياء المخزونة الّتي لا يحتاج فى إخراجها إلى كلفة واجتهاد - وشبّه إيجاده فى الخارج بانزاله من الخزائن وإخراجه منه فقال وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢١) مقدر فى الأزل إيجاده معلوم عند اللّه مقداره - قلت ولعل المراد بالخزائن الأعيان الثابتة فى علم اللّه تعالى وبانزاله إيجاده فى الخارج الظلي بوجود ظلى - قال البغوي وعن الامام جعفر بن محمّد الصادق رضى اللّه عنهما وعن ابائهما انه قال فى العرش تمثال جميع ما خلق اللّه فى البر والبحر وهو تأويل قوله تعالى وَإِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ - قلت لعل مراد الامام عليه السلام عالم المثال فانها بمنزلة الخيال للعالم الكبير ومحل الخيال للانسان الدماغ ومحل الخيال للعالم الكبير العرش - وقيل أراد بالخزائن المطر وهو خزينة لكل شيء حيث قال اللّه تعالى وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْ ءٍ حَيٍّ - ويقال لا ينزل من السماء قطرة الا ومعها ملك يسوقها حيث يريد اللّه كذا قال البغوي -.
وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ أى حوامل تحمل السحاب الماطرة جمع لاقحة يقال ناقة لاقحة إذا حملت الولد ومنه ما روى ان النبي صلى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع الملاقح يعنى بيع ما فى بطن الناقة من الولد - جمع ملقوح وجاز ان يكون لواقح جمع لقوح وهى ناقة ذات لبن - قال البيضاوي شبه الريح الّتي جاءت يخبر من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه ما لا يكون كذلك بالعقيم - وقال ابن مسعود يرسل اللّه الريح فيحمل