ج ٥، ص : ٣٠٩
منجوهم وعلى تقدير اتصال الاستثناء لا يكون الاستثناء الا من الضمير لاختلاف الحكمين قَدَّرْنا أى قضينا قرأ أبو بكر هنا وفى سورة النمل بتخفيف الدال والباقون بتشديدها إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ (٦٠) الباقين فى العذاب مع الكفار - علق قدّر مع ان التعليق من خواص افعال القلوب لتضمنه معنى العلم ويجوز ان يكون قدّر جار مجرى قلنا لأن التقدير بمعنى القضاء قول وهو فى الأصل جعل الشيء على مقدار غيره واسناد الملائكة التقدير إلى أنفسهم مع انه فعل اللّه تعالى لما لهم من القرب والاختصاص به تعالى أو لانهم كانوا رسلا فكلامهم على وجه السفارة مستند إليه تعالى -.
فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (٦١) قالَ لهم لوط إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٦٢) أى ينكركم نفسى إذ ليس عليكم زى السفر ولستم من أهل القرية فاخاف ان يصل الىّ منكم مكروه.
قالُوا أى الملائكة بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (٦٣) يعنى ما جئنا بما تنكرنا لاجله بل جئناك بما يسرّك ويشفى لك فى أعدائك وهو العذاب الّذي تعد بها قومك فيمترون بها.
وَأَتَيْناكَ بِالْحَقِّ باليقين من عذابهم أو بالعذاب المحقق فى علم اللّه تعالى وَإِنَّا لَصادِقُونَ (٦٤) فيما أخبرناك.
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ اذهب بهم فى الليل قرأ نافع وابن كثير فاسر بهمزة الوصل من السرى ومعناهما واحد بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ أى طائفة منها وقيل فى آخرها وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ يعنى كن على اثرهم حتّى تسرع بهم وتطلع على أحوالهم وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أى لا ينظر وراءه فيرى من الهول ما لا يطيقه - أو لئلا يروا ما نزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم فيصيبهم ما أصابهم - أو لا ينصرف أحدكم ولا يتخلف لغرض فيصيبه العذاب - وقيل نهوا عن الالتفات ليوطّنوا نفوسهم على المهاجرة أو جعل النهى عن الالتفات كناية عن مواصلة السير وترك التواني والتوقف لأن من يلتفت لا بد له فى ذلك من ادنى وقفة وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (٦٥) يعنى إلى حيث امر اللّه تعالى قال ابن عباس رضى اللّه عنهما يعنى الشام وقال مقاتل يعنى زغر.
وقيل أردن وَقَضَيْنا إِلَيْهِ أى أوحينا إلى لوط مقضيّا ولذلك عدى بالى ذلِكَ