ج ٥، ص : ٣٢٨
عين ولم يسمعه اذن ولم يخطر على قلب بشر.
وَعَلَى اللَّهِ بيان قَصْدُ السَّبِيلِ أى الطريق المستقيم الموصل إلى الحق رحمة وتفضلا - أو عليه قصد السبيل يعنى يصل إلى اللّه تعالى من يسلكه لا محالة يفال سبيل قصد وقاصد أى مستقيم كأنَّه يقصد الوجه الّذي يقصده السالك لا يميل عنه والمراد بالسبيل الجنس ولذلك أضاف إليها والاضافة بمعنى من وَمِنْها أى من السبيل جائِرٌ مائل عن القصد أو عن اللّه وتغير الأسلوب لأن المقصود بيان سبيله وتقسيم السبيل إلى القصد والجائر انما جاء بالعرض فالقصد من السبيل السنة والجائر منها الأهواء والبدع وملل الكفر كلها وَلَوْ شاءَ اللّه هدايتكم أجمعين لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (٩) إلى قصد السبيل والمراد بالهداية هاهنا الإيصال إلى المطلوب ومن قوله عَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ اراءة الطريق -.
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ أى ماء تشربونه ولكم صلة انزل أو خبر شراب ومن تبعيضية متعلقة به وتقديمها يوهم الحصر ووجه الحصر ان مياه الآبار والعيون منه لقوله تعالى فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ وقوله فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ... وَمِنْهُ أى من ذلك الماء شَجَرٌ أى شرب أشجاركم وحيات نباتكم فِيهِ أى فى الشجر تُسِيمُونَ (١٠) أى ترعون مواشيكم من سامت الماشية وأسامها صاحبها وأصلها السومة وهى العلامة لانها تؤثر بالرعي علامة.
يُنْبِتُ قرأ أبو بكر عن عاصم بالنون على التكلم والباقون بالياء على الغيبة أى ينبت اللّه لَكُمْ بِهِ أى بالماء الّذي انزل الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ أى بعض كل ما يمكن من الثمار وانما ذكر لفظ التبعيض لأن كل الثمرات لا يكون الا فى الجنة وخلق فى الدنيا بعضها ليكون تذكرة لها ولعل تقديم ما يسام فيه على ما يؤكل منه لأنه سيصير غذاء حيوانيا وهو اشرف الاغذية ومن هذا القبيل تقديم الزرع والتصريح بالأجناس الثلاثة وترتيبها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أى دلالة واضحة على وجود الصانع وعلمه وحكمته لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (١١) فان من تأمل ان الحبة تقع فى الأرض ويتصل إليها ندوة ينفذ فيها فينشق أعلاها ويخرج منه ساق الشجر وينشق أسفلها فيخرج منه عروقها ثم ينمو


الصفحة التالية
Icon