ج ٥، ص : ٣٣٠
العطش بعد أكل السمك انها بالطبع ملتزق بالأمعاء فالطبيعة لدفعه من الأمعاء تطلب الماء لا لكونها حارا أو يابسا - وفى وصفه بالطراوة اظهار لقدرته تعالى فى خلقه عذبا طريا فى ماء زعاق مرّ مالح - وتمسك مالك والثوري بهذه الآية على انه من حلف لا يأكل لحما حنث بأكل السمك وأجيب عنه بان مبنى الايمان على العرف وهو لا يفهم منه عند الإطلاق الا ترى ان اللّه تعالى قال شَرَّ الدَّوَابِّ فى الكفار ولا يحنث الحالف بان لا يركب دابة بركوبه على الكافر وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها كاللؤلؤ والمرجان أى تلبس نساؤكم فاسند إليهم لانهن من جملتهم ولانهن تتزين بها لاجلهم وَتَرَى الْفُلْكَ أى السفن عطف على قوله لتأكلوا لأنه فى قوة لتركبوا الفلك وجاز ان يكون استينافا مَواخِرَ فِيهِ أى جوارى وقال قتادة مقبلة ومدبرة احداها تقبل واخرى تدبر تجريان بريح واحدة وقال الحسن أى مملوة وقال الفراء والأخفش شقاق تشق الماء بجناحيها والمخر شق الماء وقيل المخر صوت جرى الفلك وقال أبو عبيدة المخر صوت هبوب الريح عند شدتها وقال مجاهد تمخر السفن الرياح أى تستقبل وفى القاموس مخزت السفينة كمنع مخرا ومخورا جرت واستقبلت الريح فى جريها ومخر السّابح شق الماء بيديه والفلك المواخر الّتي يسمع صوت جريها أو تشق الماء بجآجئها « ١ » أو المقبلة والمدبرة بريح واحدة - وفى الحديث إذا أراد أحدكم البول فليتمخر الريح وفى لفظ استمخروا الريح أى اجعلوا ظهوركم إلى الريح كأنَّه إذا ولّاها شقها بظهره وأخذت عن يمينه ويساره وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ أى من سعة رزقه بركوبها للتجارة ان كان قوله تعالى وَتَرَى الْفُلْكَ معطوفا على لتأكلوا فهذا معطوف عليه وان كان مستأنفا فهذا معطوف على محذوف تقديره لتعتبروا ولتبتغوا وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٤) اللّه إذا رايتم صنعه فيما سخر لكم ولعل تخصيصه بتعقيب الشكر لانه
أقوى فى باب الانعام من حيث انه جعل المهالك سببا لتحصيل المعاش قلت وجعل الأشياء المذكورة بحيث يفضى إلى الشكر من أعظم الإنعامات حيث يفيد مزيد النعمة فى الدنيا والثواب الجزيل فى دار القرار فهو من تتمة الإحسانات -
_________
(١) جؤجؤ كهدهد بمعنى الصدر وجمعه جاجئى.... كذا فى القاموس - منه رح


الصفحة التالية
Icon