ج ٥، ص : ٣٣٢
على الحمى والعالم على الصانع والمعجزة على وفق الدعوى للنبوة وغير ذلك وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (١٦) ليلا فى الصحارى والبحار والمراد بالنجم الجنس - وقال محمّد بن كعب أراد بالعلامات الجبار فالجبال علامات النهار والنجوم علامات الليل - وقال الكلبي أراد بالكل النجوم منها ما يكون علامات ومنها ما يهتدون بها - وقال السدّى أراد بالنجوم الثريا وبنات النعش والفرقدين والجدى يهتدى بها إلى الطرق والقبلة - قلت وذلك لكونها قريبة من القطب الشمالي فقلما تتحرك عن أماكنها لصغر دوائرها والضمير لقريش لانهم كثيرا ما كانوا يسافرون بالليل للتجارة وكانوا مشهورين بالاهتداء فى أسفارهم بالنجوم فلذلك قدم النجم واقحم الضمير وأخرج عن سنن الخطاب للتخصيص كأنَّه قيل وبالنجم خصوصا هؤلاء يهتدون فالاعتبار بذلك والشكر عليه الزم عليهم -.
أَفَمَنْ يَخْلُقُ وهو اللّه سبحانه كَمَنْ لا يَخْلُقُ أى ما يعبدون من دون اللّه مغلّبا فيه أولوا العلم - أو المراد بها الأصنام وأجريت مجرى اولى العلم لانهم سموها الهة ومن حق الا له ان يعلم أو للمشاكلة بينه وبين من يخلق أو للمبالغة كأنَّه قيل ان من يخلق ليس كمن لا يخلق من اولى العلم فكيف بما لا يعلم ولا يشعر - والهمزة للانكار والفاء للتعقيب يعنى بعد هذه الادلة الواضحة المتكاثرة على كمال علم اللّه وقدرته وتناهى حكمته وتفرده بالخلق لا معنى لاشراك من ليس مثله فى خلق الأشياء بل لا يقدر على خلق شيء من الأشياء الجواهر والاعراض حتّى لا يقدر على تحريك الذباب ولا على منعه وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ وكان حق الكلام أفمن لا يخلق كمن يخلق لكنه عكس تنبيها على انهم بالاشراك بالله جعله من جنس المخلوقات العجزة شبيها بها أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٧) انكار على عدم التذكر والاعتبار بعد مشاهدة ما يوجب التذكرة.
وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها أى لا تضبطوا عددها فضلا ان تطيقوا القيام بشكرها يعنى ليس نعماء اللّه تعالى منحصرة فيما ذكر بل هى غير محصورة فحق عبادته تعالى غير مقدور لاحد وانما المطلوب منكم التوجه بشراشركم إليه وحده والاعتراف بالتقصير إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ لتقصيركم فى أداء شكرها رَحِيمٌ (١٨) بكم حيث وسع عليكم النعم قبل استحقاقكم