ج ٥، ص : ٣٤٢
ينقطعون إلى اللّه يفوّضون أمورهم إليه - ولما أنكر كفار قريش نبوة محمّد صلى اللّه عليه وسلم وقالوا اللّه أعظم من ان يكون رسوله بشرا فهلا بعث إلينا ملكا فانزل اللّه سبحانه.
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إلى الناس إِلَّا رِجالًا دون ملائكة نُوحِي إِلَيْهِمْ على السنة الملائكة - قرأ حفص نوحى بالنون للمتكلم على البناء للفاعل والباقون بالياء على الغيبة فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ يعنى ان شككتم فى إرسال اللّه الرجال فاسئلوا أهل العلم بالكتب السابقة من اليهود والنصارى هل أرسل إلى بنى إسرائيل موسى وعيسى وغيرهم من أنبياء بنى إسرائيل ومن قبلهم ابراهيم ونوحا وآدم وغيرهم فانهم يشهدون بذلك إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤٣) وفى الآية دليل على وجوب المراجعة إلى العلماء للجهال فيما لا يعلمون وان الاخبار مفيدة للعلم ان كان المخبر ثقة يعتمد عليه.
بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ متعلق بقوله أرسلنا أى ما أرسلنا بالبينات أى المعجزات الواضحات والزبر أى الكتب الا رجالا - ويجوز ان يتعلق بأرسلنا داخلا فى الاستثناء أى ما أرسلنا الا رجالا بالبينات - أو متعلق بمحذوف صفة لرجالا يعنى ما أرسلنا الا رجالا متلبّسين « ١ » بالبينات والزبر - أو منصوب على المفعولية أو على الحال من قائم مقام الفاعل ليوحى على قراءة المبنى للمفعول وعلى التقادير كلها فاسئلوا اعتراض أو هو متعلق بلا تعلمون على ان الشرط للتبكيت والإلزام وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ أى القرآن سمى ذكرا لأنه موعظة لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فى الذكر بتوسط انزاله إليك من الوعد والوعيد والاحكام والشرائع المجملة أو مما تشابه عليهم - والبيان قد يكون صريحا بالقول أو الفعل أو التقرير وقد يكون غير صريح كالامر بالقياس وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤) اشارة إلى البحث فى نظم الكلام « ٢ » ووجوه دلالاته حتّى يظهر لهم المراد من غير حاجة إلى بيان من الشارع كما ان لفظ الحرث يشعر ان المراد فى قوله فَأْتُوا حَرْثَكُمْ الإتيان فى القبل دون الدبر لأنه ليس بمحل للحرث وفى لفظ ثلاثة فى قوله تعالى ثَلاثَةَ قُرُوءٍ يشعر ان المراد بها الحيض دون الطهر لأن الطلاق المسنون يكون فى الطهر اجماعا فاطهار العدة لا يكون الا اكثر من الثلاثة أو اقل منها واللّه اعلم -
_________
(١) فى الأصل ملتبسين
(٢) فى الأصل فى نظم كلام - [.....]