ج ٥، ص : ٣٤٦
من الغيبة إلى الخطاب مبالغة فى الترهيب وتصريحا بالمقصود كأنَّه قيل فانا ذلك الإله الواحد فاياى ارهبوا فارهبونى لا غير قرأ يعقوب فارهبونى بإثبات الياء والباقون بحذفها.
وَلَهُ أى للّه المتوحد فى الالهية ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خلقا فلا يمكن خلق شيء من الأشياء من غيره خلافا للمعتزلة فى افعال العباد - وملكا فلا يتصور الظلم منه لأنه هو التصرف فى ملك غيره بغير اذنه - ولا يجوز لاحد تصرف فى شيء من الأشياء الا بإباحته واذنه وَلَهُ الدِّينُ أى الطاعة والإخلاص واصِباً أى دائما ثابتا لا يحتمل سقوطه لأنه هو الإله وحده والحقيق بان يرهب منه فحق العباد ان يطيعوه دائما فى جميع الأحوال كما وصف به الملائكة حيث قال لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ حيث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق رواه أحمد والحاكم بسند صحيح عن عمران والحكيم بن عمرو الغفاري وفى الصحيحين وسنن أبى داود والنسائي عن علىّ بلفظ لا طاعة لاحد فى معصية اللّه انما الطاعة فى المعروف وفى معناه وله الدين ذا كلفة يعنى لا يجوز لاحد تكليف أحد الا باذنه لأنه هو المالك لا غير والمالك يتصرف فى ملكه كيف يشاء وليس ذلك لغير المالك الا باذنه - وقيل الدين الجزاء على اعمال العباد دائما لا ينقطع ثوابه لمن أمن ولا ينقطع عقابه لمن كفر - وقيل المراد بالدين العذاب على الكفر ومعنى الواصب المرض والسقم اللازم يقال وصب فلان يوصب إذا توجع - قال اللّه تعالى وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ وفى حديث عائشة انا وصّبت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أى مرّضته - قال فى النهاية الوصب دوام الوجع ولزومه ومعنى وصّبته أى دبّرته فى مرضه كمرضته - وفى القاموس الوصب المرض واوصبه اللّه أمرضه ووصب يصب وصوبا دام وثبت كاوصب ووصب على الأمر واظب واحسن القيام عليه فالمراد بالآية الوعيد لمن اتخذ الهين اثنين يعنى من فعل ذلك فلله العذاب الشديد الدائم أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢) استفهام انكار يعنى لا تخاطوا غيره إذ لا ضار سواه كما لا نافع غيره كما
قال -.
وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ ما اما شرطية أو موصولة متضمنة معنى الشرط يعنى اىّ شيء اتصل بكم أو الّذي اتصل بكم من عافية أو غنى أو خصب أو غيرها فَمِنَ اللَّهِ


الصفحة التالية
Icon