ج ٥، ص : ٣٥٨
كنه الأشياء أو المعنى انه تعالى يعلم خطاء ما تضربون من الأمثال وفساد ما تقولون عليه بالقياس كقولهم عبادة عبيد الملك ادخل فى التعظيم من عبادته ويعلم عظم جرمكم فيما تفعلون وأنتم لا تعلمون ذلك ولو علمتموه لما جرأتم عليه فهو تعليل للنهى.
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لنفسه ولمن عبد دونه عَبْداً بدل من مثلا مَمْلُوكاً احتراز عن الحر فانه أيضا عبد اللّه لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ احتراز عن المكاتب والمأذون وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً من موصولة لكونه معطوفا على عبد قسيم له فالمعنى وحرّا غنيّا كثير المال فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً مثّل ما يشرك به بالملوك العاجز عن التصرف رأسا ومثّل نفسه بالحر الغنى السخي ينفق ما يشاء كيف يشاء واحتج بهذا على امتناع الإشراك والتسوية بين الأصنام الّتي هى أعجز المخلوقات وبين اللّه الغنى القادر هَلْ يَسْتَوُونَ جمع الضمير ولم يقل يستويان لأنه للجنسين فان المعنى هل يستوى الأحرار والعبيد الْحَمْدُ لِلَّهِ يعنى الحمد كله لله تعالى لا يستحقه غيره فضلا عن استحقاق العبادة لأنه مولى النعم كلها دون غيره بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٧٥) فيضيفون نعمة اللّه إلى غيره فيعبدونه لاجلها - وقيل قوله عبدا مّملوكا لا يقدر مثل للكافر حيث لم يقدّر اللّه تعالى له ان يقدم خيرا أو ينفق شيئا فى سبيل اللّه فهو العاجز ومن رزقنه إلى آخره مثل للمؤمن المنفق - روى ابن جريج عن عطاء عبدا مّملوكا أى أبو جهل ومن رزقنه رزقا حسنا أبو بكر رضى اللّه عنه الحمد لله الّذي ميّز المحق من المبطل بل أكثرهم لا يعلمون -.
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ ولد اخرس لا يفهم ولا يتكلم لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ من الصنائع والتدابير لنقصان عقله وَهُوَ كَلٌّ ثقيل ووبال عَلى مَوْلاهُ أى على من يلى امره أَيْنَما يُوَجِّهْهُ حيثما يرسله مولاه فى امر لا يَأْتِ بِخَيْرٍ أى لا ينجح لعامة مهمّه فهو مثل للصنم لا يسمع ولا ينطق ولا يعقل وهو كل على عابده يحتاج إلى ان يحمله ويضعه وهو لا ينفعه أصلا هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ أى هو سليم فهيم منطيق ذو كفاية ورشد ينفع الناس يحثهم على العدل الشامل لجميع الفضائل