ج ٥، ص : ٣٦١
والبيوت المنحوتة فيها جمع كن وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ أى قمصا من القطن والصوف والكتان والقز تَقِيكُمُ الْحَرَّ أى والبرد خص أحد الضدين بالذكر والمراد كلاهما لدلالة الكلام على الاخر وَسَرابِيلَ من حديد أو قز أو غير ذلك تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ من السلاح ان يصيبكم فى الحرب كَذلِكَ يعنى كما أتم عليكم النعماء المذكورة يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ حيث أرسل إليكم رسوله وأيده بالمعجزات وانزل عليكم كتابه وأوضح لكم الحجة وأعز الإسلام لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (٨١) لكى يسلم اكثر الناس ويخلصون لله الطاعة قال عطاء الخراسانى انما نزل القرآن على قدر معرفتهم فقال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وما جعل لهم من السهول أعظم واكثر لكنهم كانوا اصحاب جبال كما قال وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها لانهم كانوا اصحاب وبر وشعر وصوف كما قال وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ وما انزل من الثلج اكثر لكنهم كانوا لا يعرفون الثلج وقال تَقِيكُمُ الْحَرَّ وما تقى من البرد اكثر ولكنهم كانوا اصحاب حر.
فَإِنْ تَوَلَّوْا أى اعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا منك فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٨٢) يعنى ان تولوا فلا تهتم ولا تك فى ضيق لأنه ما عليك ان يؤمنوا انما عليك البلاغ وقد بلّغت كمال الإبلاغ أقيم السبب مقام المسبب - أخرج ابن أبى حاتم عن مجاهد ان اعرابيّا اتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فساله فقرا عليه وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً قال الاعرابى نعم قال وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ قال نعم ثم قرأ كل ذلك يقول نعم حتّى بلغ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ فولى الاعرابى فانزل اللّه تعالى فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ الّتي عدها عليهم وغيرها حيث يعترفون بها وبانها من عند اللّه ثُمَّ يُنْكِرُونَها حيث اعرضوا عن عبادة اللّه مخلصين له الدين حنفاء غير مشركين - وقال السدىّ يعرفون نعمة اللّه يعنى نبوة محمّد صلى اللّه عليه وسلم عرفوها بالمعجزات ثم أنكروها عنادا ومعنى ثم استبعاد الإنكار بعد المعرفة - قال البغوي قال مجاهد وقتادة يعرفون ما عدّ عليهم من النعم فى هذه السورة ثم إذا قيل لهم تصدقوا وامتثلوا امر اللّه فيها ينكرونها