ج ٥، ص : ٣٦٨
التحتانية على الغيبة والضمير راجع إلى اللّه تعالى الَّذِينَ صَبَرُوا على مصائب الدنيا من المرض والفقر وأذى الكفار ومشاق التكليف والاستقامة فى الجهاد أَجْرَهُمْ أى يعطيهم ثواب صبرهم بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٩٢) أى بأحسن أجور أعمالهم يضاعف الحسنات إلى عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء اللّه - وقيل المراد بأحسن ما كانوا يعملون الواجبات والمندوبات فانها احسن من المباحات والممنوعات.
مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بيّنه بالنوعين لدفع توهم التخصيص وَهُوَ مُؤْمِنٌ إذ لا اعتداد باعمال الكفار فى استحقاق الثواب وانما المتوقع عليها تخفيف العذاب لأن مبنى الثواب عند اللّه الإخلاص وحسن النية وذا مفقود لهم فَلَنُحْيِيَنَّهُ فى الدنيا حَياةً طَيِّبَةً قال سعيد بن جبير وعطاء هى الرزق الحلال - وقال الحسن هى القناعة - وقال مقاتل ابن حبان هى العيش فى الطاعة - وقال أبو بكر الوراق هى حلاوة الطاعة - وقال البيضاوي يعيش عيشا طيبا فانه ان كان موسرا فظاهر وان كان معسرا يطيب عيشه بالقناعة والرضاء بالقسمة وتوقع الاجر العظيم فى الاخرة بخلاف الكافر فانه ان كان معسرا فظاهر وان كان موسرا لم يدع الحرص وخوف الفوات ان يتهيّأ بعيشه قلت وذلك هو المعنى من قوله تعالى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً - قلت والاولى ان يقال ان العبد إذا أحب اللّه تعالى فكل ما وصل إليه من المحبوب من حلاوة أو مرارة يلتذّ به - قال المجدد رضى اللّه عنه إيلام المحبوب ألذّ للمحب من انعامه فان المراد فى الانعام كائن على مراده وفى الإيلام كائن على مراد المحبوب ومراد المحبوب أحب عنده من مراد نفسه - قال الفاضل الرومي قدس سره
عاشقم بر لطف وبر قهرت بجد أى عجب من عاشقم بر هر دو ضد
ناخوش از وى خوش بود در جان من جان فدائى يار دل رنجان من
قلت أو يقال قد قال اللّه تعالى فى أوليائه هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
وقد مر تفسيره فى سورة يونس عليه السلام - فالمؤمن إذا بشر برضاء اللّه تعالى وعلو مقامه عنده ورفع درجاته لديه حصل له فى الدنيا أفضل ما يرجوه فى الجنة - حيث قال


الصفحة التالية
Icon