ج ٥، ص : ٣٧٠
فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ يعنى إذا أردت قراءة القرآن فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ (٩٨) كيلا يوسوس فى القراءة ولا يلقى فى الامنية - فان شأنه انه ما أرسل اللّه مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ - عبر عن ارادة الفعل بالفعل المسبب عنها للايجاز والتنبيه على ان من أراد العبادة فليبادر إليها بحيث لا ينفك الارادة عن الفعل - وحكى عن النخعي وابن سيرين ان يتعوذ بعد القراءة نظرا إلى ظاهر هذه الآية ولان الدعاء بعدا العبادة اقرب إلى الاجابة والتعوذ من الشيطان مطلوب دائما - وقد صح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم انه كان يصلى قبل القراءة وعليه انعقد الإجماع من السلف والخلف - لكنه سنة عند جمهور العلماء - وذهب عطاء على كونه واجبا قبل القراءة احتجاجا بهذه الآية فان حقيقة الأمر للوجوب - وكونه لدفع الوسوسة فى القراءة لا يصلح صارفا عنه بل يصح شرع الوجوب معه فلا بد من جمله « ١ » على الوجوب - قال ابن الهمام واللّه اعلم بالصارف عن الوجوب على قول الجمهور قلت والصارف عنه انهم راو والنبي صلى اللّه عليه وسلم ترك التعوذ قبل القراءة فى بعض الأحيان ولو لا ذلك لما اجمعوا على جواز ترك ما لم يتركه النبي صلى اللّه عليه وسلم قط - وقد روى فى كثير من الأحاديث قراءته صلى اللّه عليه وسلم من غير ذكر التعوذ فى الصحيحين عن ابن عباس انه صلى اللّه عليه وسلم قعد الثلث الأخير من الليل فنظر إلى السماء فقال إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ العشر الأواخر من ال عمران حتّى ختمها ثم قام فتوضا الحديث - وروى مسلم عن أنس قال بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى اغفاءة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما اضحكك يا رسول اللّه قال أنزلت علىّ آنفا سورة فقرا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ الحديث - (مسئلة) اختلفوا فى التعوذ قبل القراءة فى الصلاة فقال أبو حنيفة واحمد يتعوذ فى أول ركعة - وقال الشافعي فى كل ركعة قال الشيخ ابن حجر استحب التعوذ فى كل
_________
(١) وفى الأصل فلا بد حمله -


الصفحة التالية
Icon